الجلي الخفي ، لا إله إلا هو العلي العظيم (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) ـ الوجه الأول ـ لخطاب الله الحق فألقى السمع لما قيل له وعرّف به ـ الوجه الثاني ـ (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) هم أهل الإيمان المقلدة ، الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية ، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم هم المرادون بقوله : (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) فالذي ينبغي للعبد أن يصغي إلى الحق ويخلي سمعه لكلامه ، حتى يكون الحق هو الذي يتلوه بلسانه ويسمعه ، ويتولى شرح كلامه ويترجم للعبد عن معناه ، فيأخذ العلم منه لا من فكره واعتباره ، وإنما ألقى السمع لما يقوله الحق له ، فيقول له : يا عبدي أردت بهذه الآية كذا وكذا ، وبهذه الآية الأخرى كذا وكذا. ـ الوجه الثالث ـ (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) فسمع بالله (وَهُوَ شَهِيدٌ) ـ الوجه الأول ـ (وَهُوَ شَهِيدٌ) فأبصر بالله. ـ الوجه الثاني ـ (وَهُوَ شَهِيدٌ) أي حاضر معه فيما يلقى إليه المخبر ، فيمثله نصب عينيه ، فكأنه يشاهده ، فإنه خبر صدق جاء به صادق أمين فهو تنبيه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليهالسلام في الإحسان [أن تعبد الله كأنك تراه] و [الله في قبلة المصلي] فلذلك هو شهيد. ـ الوجه الثالث ـ (وَهُوَ شَهِيدٌ) لمواقع الخطاب الإلهي على الشهود والكشف. ـ الوجه الرابع ـ (وَهُوَ شَهِيدٌ) لتقلبه في نفسه ، فيعلم أن الأمر كذلك ـ الوجه الخامس ـ (وَهُوَ شَهِيدٌ) لما يحدث الله في كونه من الشأن ، فإنه قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ) إشارة إلى قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) مع غير ذلك (لَذِكْرى) لعبرة (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) أي لمن له فطنة بالتقلب في الأحوال ، أو تقلب الأحوال عليه ، فيعلم من ذلك شؤون الحق وحقائق الأيام التي الحق فيها في شأن ، فالشأن واحد العين والقوابل مختلفة كثيرة ، يتنوع فيها هذا الشأن بتنوعها واختلافها ، فهو من الله واحدة ، وفي صور العالم كثيرة ، (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) لما يتلى عليه من قوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) وأمثاله (وَهُوَ شَهِيدٌ) من نفسه تقلب أحواله ، فيكون على بصيرة في ذلك من الله ، فحصرت الآيات في السمع والبصر ، فإما شهود وإما خبر ، فإن المراد من جميع التكليف سلامة القلب ، ومن لم يكن له قلب سليم فلا أقل من الحضور لفهم المسموع أو التفهيم ، فإن من السمع الفهم عن الله سبحانه ، قال تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) فمن ألقى السمع وهو شهيد فهو عارف ، وحظه السماع من التنزيل