وكذا وقع القول منهم لما رأوا ذلك ، ولهذا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للحاضرين : [اشهدوا] لوقوع ما سألوا وقوعه ، وما لهم إلا ما ظهر ، وهل هو ذلك الواقع في نفس الأمر أو في نظر الناظر؟ هذا لا يلزم ، فإنه لا يرتفع الاحتمال إلا بقول المخبر إذا أخبر أنه في نفس الأمر كما ظهر في العين ، وقول المخبر هو محل النزاع ، وما اشترطوا في سؤالهم أن لا يظهر منهم ما ظهر منهم من الإعراض عند وقوع ما سألوا وقوعه ، فلم يلزم النبي صلىاللهعليهوسلم أكثر مما وقع فيه من السؤال ، ثم جاء الناس من الآفاق يخبرون بانشقاق القمر في تلك الليلة ، ولهذا قال الله تعالى عنهم : إنهم قالوا فيه (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) فقال الله :
(وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ) (٣)
وكان ذلك الأمر ما كان.
(وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ٥ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ (٦) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ٧ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) (٨)
(مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) وهو الله تعالى (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ).
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ) (١٤)