المخصوص بالسماء السابعة : لم يبدل حرف من القرآن ولا كلمة ، ولو ألقى الشيطان في تلاوته ما ليس منها بنقص أو زيادة لنسخ الله ذلك ، وهذا عصمة ، ومن ذلك الثبات ما نسخت شريعته صلىاللهعليهوسلم بغيرها ، بل ثبتت محفوظة ، واستقرت بكل عين ملحوظة ، ولذلك تستشهد بها كل طائفة ، ومن الأمر المخصوص بالسماء السادسة : خصّ صلىاللهعليهوسلم بعلم الأولين الآخرين ، والتؤدة والرحمة والرفق ، وكان بالمؤمنين رحيما ، وما أظهر في وقت غلظة على أحد إلا عن أمر إلهي ، حين قيل له (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) ومن ذلك ما حلل الله له من الغنائم ، وجعلت له الأرض مسجدا وطهورا ، ومن الأمر المخصوص بالسماء الخامسة : السيف الذي بعث به والخلافة ، واختص بقتال الملائكة معه منها ، فإن ملائكة هذه السماء قاتلت معه صلىاللهعليهوسلم يوم بدر ، ومن هذه السماء أيضا بعث من قوم ليس لهم همة إلا في قرى الأضياف ، ونحر الجزر والحروب الدائمة وسفك الدماء ، ومن ذلك النصر بالرعب فهو من السماء الخامسة ، ومن الوحي المأمور به في السماء الرابعة : نسخه بشريعته جميع الشرائع ، وظهور دينه على جميع الأديان عند كل رسول ممن تقدمه وفي كل كتاب منزل ، فلم يبق لدين من الأديان حكم عند الله إلا ما قرر منه ، فبتقريره ثبت ، فهو من شرعه وعموم رسالته ، وإن كان بقي من ذلك حكم ، فليس هو من حكم الله إلا في أهل الجزية خاصة ، ومن هذا الأمر من هذه السماء بعث وحده إلى الناس كافة ، فعمت رسالته ، ومن الوحي المأمور به في السماء الثالثة المختص بمحمد صلىاللهعليهوسلم : أنه ما ورد قط عن نبي من الأنبياء أنه حبّب إليه النساء إلا محمد صلىاللهعليهوسلم وإن كانوا قد رزقوا منهن كثيرا ، كسليمان عليهالسلام وغيره ، فكان صلىاللهعليهوسلم يحبهن بكون الله حببهن إليه ، ومن هذه السماء حب الطيب ، وكان من سنته النكاح لا التبتل ، وجعل النكاح عبادة للسر الإلهي في الإنتاج ، فهذا الفضل زاد فيه بنكاح الهبة ، ومن الأمر الموحى في السماء الثانية : إعجاز القرآن ، والذي أعطيه صلىاللهعليهوسلم من جوامع الكلم من هذه السماء تنزل إليه ، ولم يعط ذلك نبي قبله ، ومن أمر هذه السماء ما خصه الله به من إعطائه إياه مفاتيح خزائن الأرض ، ومن الوحي المأمور به في السماء الأولى وهي الدنيا التي تلينا : كون الله خصه بصورة الكمال ، فكملت به الشرائع ، وكان خاتم النبيين ولم يكن ذلك لغيره صلىاللهعليهوسلم ، فبهذا وأمثاله انفرد صلىاللهعليهوسلم بالسيادة الجامعة للسيادات كلها ، والشرف المحيط الأعم صلىاللهعليهوسلم ، وبهذا قد نبهنا على ما حصل له في مولده من بعض ما أوحى الله به في كل سماء من أمره.