فإنه أعلم بمصالحه ، ولن يسعى السيد في إتلاف عبده ، لأنه لا تصح له السيادة إلا بوجود العبد ، فعلى قدر ما يزول من المضاف يزول من حكم المضاف إليه ـ الوجه الخامس ـ وأما الرب الذي هو المالك فلشدة ما يعطيه هذا الاسم من النظر فيما تستحقه المرتبة فيوفيها حقها ، فقد بان لك في هذا المساق معنى اختصاص الاسم الرب الذي إليه المساق عند التفاف الساق بالساق ، فبه انتظم الأمران ، وثبت الانتقالان.
(فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى) (٣١)
وهو نقيض الذاكر ربه ، لما جاءه ذكر ربه وهو القرآن يذكره بنفسه وبربه (فَلا صَدَّقَ) من أتى به أنه من عند ربه (وَلا صَلَّى) يقول : ولا تأخر عن دعواه وتكبره ، وقد سمع قول الله الحق ، ومن ردّ الحق فما صدق ذلك القول فيما دل عليه ، قاله من قاله ، فذمه الله وقال :
(وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٣٢)
(وَلكِنْ) استدراك لتمام القصة (كَذَّبَ) من أتى به إليه وهو الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وكذب الحق إما بجهله فلم يعلم أنه الحق ، وإما بعناد وهو على يقين أنه حق في نفس الأمر فغالط نفسه ، ثم قال : (وَتَوَلَّى) بعد تكذيبه بالحق وبمن جاء به ، فتولى عن الحق.
(ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) (٣٣)
وهذا شغل المتكبر المشغول الخاطر المفكر الحائر الذي كسّله ما سمعه ، فإنه بالوجه الظاهر يعلم أنه الحق لأن المعجزة لم يأت بها الله إلا لمن يعلم أن في قوته قبولها بما ركب الله فيه من ذلك.
(أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) (٣٤)
لو لا لو لا ، ما ظهر الأولى ، ولا تزال أولى لك فأولى.