(ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى) (٣٦)
فلينظر الإنسان ويتفكر ويعتبر أن الله ما خلقه سدى ، وإن طال المدى ، ومن نظر واهتدى ، وباع الضلالة بالهدى ، عجّل بالفدا ، من أجل تحكم الأعدا ، ومن عرف الضلالة والهدى لم يطل عليه المدى ، وعلم أن الله لا يترك خلقه سدى ، كما لم يتركه ابتدا ، وإن لم ينزل منازل السعدا ، فإن الله برحمته التي وسعت كل شيء لا يسرمد عليه الردا ، وكيف يسرمده وهو عين الردا ، فهو في مقام الفدا ، وإشارة سهام العدا ، فله الرحمة آخرا خالدا مخلدا فيها أبدا.
(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (٣٧) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (٣٩) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى) (٤٠)
(٧٦) سورة الإنسان مدنيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) (١)
(هَلْ أَتى) أي قد أتى (عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) الدهر هنا الزمان ، والحين جزء منه (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) مذكورا هنا بمعنى موجودا ، يريد عدمه في عينه ، لأنه كان مذكورا لله تعالى ، أي قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا موجودا في عينه ، لأنه أتى على الإنسان أزمنة ودهور قبل أن يظهر في هذه الصورة الآدمية ، وهو في الصورة التي له في كل مقام وحضرة ، من فلك وسماء وغير ذلك ، مما تمر عليه الأزمان والدهور ،