آبائي ، لأمثلن بك. قال : لا تقدر على ذلك ، قال : فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل ، فيطرح على رأسه ، فيقع على الأرض ليس به بأس ، وجعل يبعث به إلى مياه نجران ، بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك ، فيلقى فيها ، فيخرج ليس به بأس ، فلما غلبه ، قال له عبد الله ابن الثامر : إنك والله لا تقدر على قتلي حتى توحد الله ، فتؤمن بما آمنت به ، فإنك إن فعلت سلّطت عليّ فقتلتني. قال : فوحد الله ذلك الملك ، وشهد شهادة عبد الله بن الثامر ، ثم ضربه بعصا في يده فشجه شجة غير كبيرة ، فقتله ، وهلك الملك مكانه ، فاجتمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر ، وكان على ما جاء به عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام من الإنجيل وحكمه ، فسار إليهم ذو نواس ذرعة بن شنار بجنوده ، فدعاهم إلى اليهودية ، وخيرهم بين ذلك والقتل ، فاختاروا القتل ، فخذلهم ، فحرق بالنار وقتل بالسيف ، ومثّل بهم حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا ، وفيه نزل قوله تعالى (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) والأخدود الحفر الطويل في الأرض كالخندق ، والجمع أخاديد.
(النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) (١٠)
العذاب عذاب نفوس روحاني وعذاب محسوس جسماني ، ولا يكون إلا لمن حاد عن الطريق المشروع في ظاهره وباطنه ، فإذا وفق للاستقامة وسبقت له العناية عصم من ذلك ، وتنعم بنار المجاهدة لجنة المشاهدة.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١)