هو فوقها من الجواهر العقلية القادسة المنتهية إليه ـ تعالى ـ ، وبه يبطل توهّم بعض الملاحدة من الدهرية حيث قالوا : انّ الفلكيات هي الغاية القصوى في الوجود وليس ورائها وفوقها موجود (١).
قال بعض العرفاء : انّ هذه الطريقة ـ أي : طريقة الطبيعيين ـ هي طريقة الخليل على ـ نبيّنا وآله وعليه السلام ـ ، فانّه لمّا رأى ظهور الحركات في السموات وانتقالات الكواكب وأفولها فقال لا احبّ الآفلين (٢) ، ويحدس انّ مبدعها وموجدها ومحرّكها على سبيل الامداد والتشويق ليس بجسم ولا جسماني.
وأورد عليه بعض الأفاضل : بأنّ الخليل ـ عليهالسلام ـ لم يستدلّ بالحركة والتغيّر على وجود الواجب ، بل استدلّ بافول الكواكب على عدم كونه واجبا / ٣٠DB / ، وأين هذا من ذاك؟!.
وفيه : انّ الاستدلال بالأفول على عدم كونه واجبا إنّما هو لأجل أنّ الأقلّ لا بدّ له من علّة توجب التغير فيه ، فيجب الانتهاء إلى ما ليس فيه تغيير أصلا ، وهو الواجب بذاته (٣).
المنهج الرابع
من مناهج الحكماء
ما ذهب إليه بعضهم ، وهو ما يبتنى
على النظر في النفس الناطقة الانسانية.
__________________
(١) انظر : شرح المقاصد ج ٤ ص ٢٢ ، حيث تجد تفسير التفتازاني لمرامهم مخالفا لما نسب إليهم المصنّف في كتابنا هذا ؛ ومخالفا لما نسب إليه الامام الرازي في تلخيص المحصّل ص ٢٥٣.
(٢) ما وجدته. ولكن يوجد بين أقوال المتكلّمين ، قال الايجى : ... ما ذكره المتكلّمون من حدوث العالم وهو الاستدلال بحدوث الجواهر هي طريقة الخليل ـ صلوات الله عليه ـ حيث قال : لا احب الآفلين. راجع : شرح المواقف ، ج ٨ ، ص ٢. وانظر : تلخيص المحصّل ، ص ٢٤٢.
(٣) وللطبيعيّين طرق آخر من غير النظر في الحركة. راجع : شوارق الإلهام ، ج ٢ ، ص ٤٩٥.