يكون الصدور واللاصدور بالنظر إلى ذات الفاعل ممكنا عندهم بالامكان الذاتي؟!.
فان قيل : المراد من القدرة بهذا المعنى هو الامكان بالنظر إلى ذات الفاعل مع قطع النظر عن الإرادة ، لا معها ؛
قلنا : لمّا كانت الإرادة في الواجب عين الذات فقطع النظر عنها هو بعينه قطع النظر عن الذات. اللهم إلاّ أن يقال : الإرادة عندهم هو العلم بالأصلح وهذا العلم وإن كان عين الذات من حيث المبدأ إلاّ أنّه لمّا كان من حيث اعتبار الغير من غير ملاحظة نظام الخير فالموجب بالحقيقة هو غير الذات من الدواعي ، ـ وسيجيء لذلك زيادة بيان ـ.
الثالث : كون القدرة عبارة / ٣٤DA / عن امكان الفعل والترك امكانا وقوعيا في وقت من الأوقات وإن كان وقتا موهوما ـ اي : امكانهما بالنظر إلى الداعي ونحوه من شرائط التأثير المجوّزة لكل منهما في وقت ما وإن وجب في وقت آخر ـ ، فلا ينافيه الوجوب في وقت آخر ، بل المنافي له هو الوجوب في جميع الأوقات. والايجاب المقابل لها هو امتناع الترك بالنظر إلى الداعى ونحوه من الشرائط المقتضية لعدم انفكاك الفاعل عن الفعل ؛ وبالجملة امتناع انفكاك ذاته عن ايجاد العالم في الأزل لأجل الدواعى والشرائط الموجبة. والقدرة بهذا المعنى ممّا نفاه الفلاسفة وقالوا بايجاب المقابل لها. والمعتزلة متّفقون على ثبوت القدرة بهذا المعنى للواجب ـ تعالى ـ ونفي الايجاب المقابل لها عنه ـ سبحانه ـ.
الرابع : كون القدرة عبارة عن امكان الفعل والترك بالامكان الوقوعي في جميع الأوقات ـ أي : امكانهما بالنظر إلى الداعى وغيره من شرائط التأثير المجوّزة لكلّ منهما في جميع الأوقات ـ. والقدرة بهذا المعنى ينافيها الوجوب مطلقا ، والايجاب المقابل لها هو امتناع الترك من جهة لزوم الداعي ونحوه من شرائط التأثير في وقت من الأوقات ، ويعبّر عنه بالايجاب الخاصّ. والاختيار بهذا المعنى اثبته الأشاعرة له ـ تعالى ـ ونفاه الفلاسفة. والمعتزلة قالوا بالايجاب المقابل له ـ أعني : الايجاب الخاصّ ـ وهو الاختيار الّذي قالوا به. والفلاسفة قالوا بالايجاب المطلق.