الخارجة لعدم الموضوع في الخارج. وهذا وإن لم يكن حقّا عندنا ـ وسيأتي وجه اندفاعه في الدليل الثالث ـ إلاّ انّه ممّا قال به بعض المحقّقين ، فلا يكون ثبوت الانسانية لمطلق الانسان / ٤DB / بديهيّا.
وامّا الدليل الثاني / ٤MB / فقد اعترض عليه : بانّه إن اريد به انّا نجزم بثبوت الشيء لنفسه مع عدم العلم بغيره ، فلا يلزم منه عدم كون ذلك الثبوت بسبب المؤثّر ، بل انّما يلزم منه عدم الواسطة في التصديق ، على انّه عند التحقيق يرجع إلى الدليل الأوّل. وإن اريد انّا نجزم بثبوته لنفسه على فرض انتفاء الأغيار يرجع إلى الدليل الثالث ؛
وجوابه : انّ اختيار كلّ واحد من الشقين ممكن. والرجوع إلى الأوّل والثالث لا ضير فيه ، فانّ اختلاف الأدلّة قد يكون بمجرّد الاختلاف في التقرير. فان اختير الشق الأوّل يجاب عن الاعتراض بما مرّ من انّ العلم بذي السبب لا يحصل إلاّ من العلم بالسبب ؛ وان اختير الشق الثاني ورجع إلى الدليل الثالث فتعلم حاله.
وامّا الدليل الثالث فاعترض عليه : بمنع استحالة سلب الشيء عن نفسه إذا كان معدوما ، فانّ ثبوت الشيء للشيء يستدعي ثبوته لنفسه ـ فثبوت الانسانية للانسان يستدعي ثبوت الانسان ـ ، فإذا كان الشيء معدوما يصدق سلب جميع المفهومات عنه. فان كان انتفائه واقعا صدقت السالبة المطلقة ، وإن كان ممكنا غير واقع صدقت الممكنة فقط ، وإن كان مستحيلا لم يصدق اصلا ؛
وجوابه : انّا لا نسلّم صدق سلب جميع المفهومات عن المعدوم في الخارج إذا كان موجودا في الذهن ، فانّ حقيقة الانسانيّة ثابتة للانسان المعدوم في الخارج إذا كان موجودا في مدرك من المدارك ، لانّ العقل إذا تعقّل ماهيّة الانسان يحكم بثبوت الانسانية له ، وإن لم يوجد في الخارج. فالانسان الموجود في الذهن دون الخارج انسان. فلا يشترط تاثير المؤثّر في كون الانسان انسانا ، إذ لو كان بتأثيره لم يثبت للانسان الذهني حقيقة الانسانية. وعدم ثبوت الانسانية الخارجية له غير قادح ، لانّ من يقول : « انّ الماهيّة ماهية بدون تاثير المؤثّر » لا يقول بانّ الانسان المعدوم مثلا ثبتت