يفاض عليها الوجود ، فيلزم أن يتعلّق الجعل أوّلا بذات الماهية حتّى تحصل لها هويّة ثمّ يفاض عليها الوجود.
وفيه : أمّا أوّلا فانّا لا نسلّم انّ الموجودية من قبيل الجعل الأوّل ـ كما أشرنا إليه ـ ، لأنّ الايجاد فعل واحد بسيط لا يقتضي مجعولا ومجعولا إليه ـ كما هو يقول فيما اخترعه من جعله ـ.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الجعل البسيط الّذي اعتقده مستلزم لجعل الماهية موجودة ـ كما صرّح به ـ ، وجعل الماهية / ٦MA / موجودة ليس إلاّ افادة الوجود لها ، فنقول له حينئذ : الهويّة الّتي يجب أن تكون / ٦DA / لما يفيده الفاعل شيئا هنا امّا نفس الماهية أو الماهية الموجودة ، وعلى التقديرين إمّا أن يكون حصول الهوية مقدّما على افادة الوجود لها أو يكون مستلزما لها. فان ادّعى انّ الهوية المرادة هى نفس الماهية مع الاستلزام والمعية فلا اشكال ، إذ لو افاد الفاعل الوجود للماهيّة فيما حسبه شرطا للافادة حاصل ولا فرق في حصول الشرط حينئذ بين تعلّق الجعل بذات الماهية وبين تعلّقه بموجوديتها ، ولا محذور في أن يقال : الجعل هو افادة الوجود للماهية.
فان قيل : على ما اعتقده تحصل بالجعل فعلية للماهية ثمّ يفاد عليها الوجود ، وعلى ما اخترتم لا فعلية للماهية فلا يصلح لان تكون قابلة لشيء؟! ؛
قلنا : قد عرفت حال هذه الفعلية وفسادها ، ونزيد هنا ونقول : يلزم من قوله أن تكون افادة الفاعل هذه الفعلية للماهية مسبوقة بفعلية اخرى وهكذا ، ولا ريب انّ حصول فعليتين في الخارج لماهية واحدة ليس بأقلّ شناعة من حصول وجودين لها.
على انّ الماهية مع كلّ فعلية شيء اخر غيرها مع فعلية أخرى ، ويلزم التسلسل في الأمور المتحققة المختارة ، وهو باطل. وإن ادّعى انّ الهوية المرادة هى نفس الماهية مع تقدّمها على الافادة ؛ قلنا : تقدّمها امّا مع فعلية لها سوى الوجود أو بدونها ، وكلاهما ظاهر الفساد ـ كما تقدم ـ. وإن ادّعى انّ الهوية المرادة ـ اي الماهية الموجودة ـ مع الاستلزام ، فلا اشكال أيضا ؛ اذ افادة الوجود للماهيّة الموجودة بهذا الوجود ممّا لا محذور فيه ؛ وإن ادّعى انّها هي الماهية الموجودة مع تقدّمها على الافادة فلا ريب في