الموانع كونه ممتنع الوقوع ، فلم لا يجوز أن يقال : انّه ـ تعالى ـ موجب بالذات لوجود العالم إلاّ انّه لم يوجد العالم لانّ تحقّق الأزل كالمانع من وجود العالم ، فلمّا زال المانع حصل المعلول (١)؟!.
قلت : المرجّح عندنا ليس مجرّد ذات الوقت وعدم وقت قبله وامتناع ازلية العالم ، بل المرجّح عندنا ذلك مع العلم بالأصلح ، كيف وثبوت القدرة بالمعنى الثاني ـ أعني : امكان الفعل والترك بالنظر إلى ذات الفاعل مع ترجيح أحد الطرفين ـ لا يتصوّر بدون مرجّح من الفاعل؟!. ولا يعقل مرجّح ناش منه إلاّ علمه بالأصلح ؛ وثبوت علمه ـ تعالى ـ لا يتوقّف على مجرّد الحدوث بل هو ثابت بأدلّة اخر ـ كما تقدّم بعضها ويأتي بعض أخر أيضا ـ. وبالجملة ثبوت القدرة بمعنى الايجاد بالعلم والإرادة لا يتوقّف على حدوث العالم ، ولذا استدلّ بعضهم على الحدوث بالقدرة من حيث احالتهم كون أثر الفاعل المختار قديما. قال بعض المشاهير : احتجّ المليون على حدوث الزمان بأنّ الزمان ممكن ـ لتركيبه من الحوادث ـ فيكون مستندا إلى الله ـ تعالى ـ والله ـ تعالى ـ فاعل بالاختيار ـ كما تبيّن ـ ، وفعل الفاعل المختار حادث ، فيكون الزمان حادثا.
فان قلت : ما الباعث لك لجعل ذات الوقت وعدم وقت قبله جزء المرجّح وعدم الاكتفاء بالعلم / ٥٦MB / بالاصلح فقط؟! ؛
قلت : الباعث عدم صحّة جعل المرجّح هو العلم بالأصلح فقط لأنّ الذات مع العلم والإرادة إمّا أن تكون كافية في صدور الفعل فيلزم القدم البتّة ، أو لا ، فيتوقّف على شرط. والقول بأنّه باعتبار العلم بالأصلح يترجّح وقتا خاصا ، ممّا لا يعقل إذا كان لذلك الوقت مدخلية باعتبار كونه أصلح مثلا أو غير ذلك ، فيتوقّف حينئذ على حضور ذلك الوقت. وحضوره يتوقّف على وقت قبله ، وهكذا ، فيلزم التسلسل ، فلا بدّ من القول بعدم وقت قبل وقت الحدوث وعدم قبول العالم للوجود قبل ذلك لئلاّ يلزم التسلسل في المتعاقبات ، وبدونه لا مدفع من لزوم التسلسل ، ومجرّد العلم بالأصلح غير واقع له على أنّ بعد حقّية الحدوث الدهري وبطلان الزمان الموهوم ـ كما
__________________
(١) راجع : الأربعين ، ج ١ ، ص ١٨٣.