من حيث وجوده وعدمه معا.
والمانع ما له مدخلية في وجود الشيء من حيث عدمه. فالمراد بمطلق الشروط المذكور في الاستدلال هو الشروط بالمعنى الاعمّ ؛ والمراد بالشروط المتعاقبة / ٦٠DA / هي المعدّات ؛ والمراد بالشروط المجتمعة بالمعنى الأوّل هي الشروط بالمعنى الأخصّ.
وأمّا الشروط المجتمعة بالمعنى الثاني فلا يجوز أن تكون معدّات ولا أن تكون شروطا بالمعنى الأخصّ ، لأنّ الحادث انّما يحتاج إلى معدّ حادث قبله وإلى شرط حادث معه ، والمحتاج إليه السابق ـ أي : المعدّ ـ لا يجوز أن يكون باقيا معه ، بل يجب أن ينعدم بعد وجوده مرجّحا ؛ والمحتاج إليه الباقي ـ أعني : الشرط بالمعنى الأخصّ ـ لا يجوز أن يكون سابقا عليه بالزمان. والسرّ في ذلك انّ المحتاج إليه السابق ـ أعني : المعدّ ـ ما يكون مقدّما مرجّحا ، والمحتاج إليه الباقي ما يكون وجوده مرجّحا ، والمحتاج إليه السابق بالزمان يجب أن يتقدّم عليه عند حدوث المعلول ليكون بانعدامه مرجّحا ، ولو كان باقيا معه لكان بوجوده مرجّحا. فمع كونه سابقا عليه بالزمان ـ كما هو الفرض ـ يلزم التخلّف ، لأنّ المفروض كون الوجود مرجّحا وهو كان متحقّقا قبل تقدّم حدوث الحادث مع ذلك تخلّف عن العلّة التامة. وقد ظهر بذلك انّه لا يتصوّر توقّف الحادث على الشروط المجتمعة بالمعنى الثاني / ٦٣MB / ـ أعني : ما كان سابقا عليه بالزمان وباقيا معه بعد الحدوث ـ.
وإذا علمت ذلك فاعلم : انّه يلزم على تقدير كون الشروط متعاقبة أو مجتمعة بالمعنى الثاني قدم الفعل المطلق من حدوثه ، لأنّ تعاقب الشروط وتسلسلها في الحدوث ـ سواء كانت غير مجتمعة في الوجود أو مجتمعة فيه ـ مستلزم لتحقّق القدم بالنوع فيها ، وهو ناش من فرض الحدوث ، فكما يلزم من فرض الحدوث بالنوع على تقدير الايجاب المذكور التسلسل في الشروط يلزم خلف الفرض ـ أعني : القدم بالنوع ـ أيضا ؛ بل إذا كانت الشروط مجتمعة بالمعنى الثانى ـ أعني : كانت متعاقبة في الحدوث مجتمعة في البقاء ـ لزم القدم ببعض الاشخاص أيضا ، ووجهه ظاهر. بل يلزم حينئذ التخلّف أيضا ، إلاّ أن يكون هناك موجود متجدد متصرّم كالحركة تكون تلك الشروط الغير المتناهية اجزاء فرضية له أو مستندة إليها ، فيلزم القدم بالشخص أيضا.