القدرة وأفضل ضروب الصنع والافاضة!. وليس يلزم من ذلك جبر في فعل النار في احراقها وحال الماء في تبريده وفعل الشمس في إضاءتها حيث لا يكون لمصدر هذه الأفاعيل شعور ولا مشية ولا استقلال من فواعلها ، لأنّها مسخّرات بأمره ـ تعالى ـ وكذلك قال المختار غير الله في افعالهم فان كلا منهم في ارادته مقهور مجبور ، وأنّ أوّل الداعي والمرجّحات يضطرّ في الارادات الجسمية عن الاعراض مشكل لها ؛ انتهى (١)
وما ذكره هذا الفاضل موافق لقواعد الفلاسفة ، إلاّ أنّ الحقّ انّ ملاحظة الأصلح والأحسن وتعلّق العلم بهما والايجاد على ما يقتضيه ممّا لا ريب فيه. ولكن مذهب محقّقي المعتزلة ـ كالمحقّق الطوسي وغيره ـ انّ ملحوظ الفاعل المختار في الايجاد وحال المعلولات ؛ ولذا قالوا انّها حادثة ، لأنّ الأصلح بحال المخلوقات الحدوث. ومذهب الحكماء انّ ملحوظ الفاعل المختار في الايجاد حال الايجاد ، وقالوا : اتمّ انحاء التأثير والايجاد واكملها هو الدوام ، فالفريقان متفقان على كون الوجه الأكمل الأحسن ملحوظا للفاعل. وبالجملة ما يقتضيه الحقّ انّ الواجب ـ تعالى ـ مع كونه قادرا مختارا بمعنى امكان صدور الفعل / ٧٣DB / والترك عنه بالنظر إلى ذاته تعقّل النظام الأكمل بذاته / ٧٧MA / لكون ذاته علّة بذاته لهذا التعقّل. والأكملية صارت منشئا لوجوب الصدور ، لأنّ المستعدّ للصدور هو الأكمل دون غيره وإن لم يكن في الذات اقتضاء خصوصية ذلك الفعل.
قال بعض المشاهير : إن قلت : إذا كان فاعلية الفاعل لفعله وعلمه بذلك نفس ذات الفاعل لا يمكن صدور مقابل ذلك الفعل عنه ، فلم يكن قادرا على هذا الفعل ، إذ قد اعتبر في القدرة أن يكون تعلّقها بالطرفين سواء ؛
قلت : الملازمة ممنوعة ، فانّ صدور ذلك الفعل عنه بواسطة انّه يستعدّ لصدوره عنه ، دون مقابله ، لأنّه اكمل من مقابله ؛ لا بواسطة انّ ذات الفاعل يستدعي خصوصية ذلك الفعل حتّى لو كان مقابله أكمل منه لصدر عنه ويكون فاعليته وعلمه بذلك نفس ذاته.
__________________
(١) كذا هذه السطور في النسختين.