نعم! قبول الوجود وقبول الحركات والأفعال يتحقّقان في الممكنات. و (١) يدلّ على ذلك ما نقلناه سابقا عن التحصيل.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ذلك ـ نعني جواز استعداد المادّة لحدوث ممكن دون آخر ـ لا يوجب تجويز صدور ممكن عن غير الواجب ، بل يوجب عدم امكان صدوره عن الواجب لا تجويز صدوره عن غير الواجب ، فهو لا ينافي قولنا : كلّ ما هو مقدور الغير مقدور له ـ تعالى ـ. ولا يقدح ذلك في عموم قدرته ، لأنّ المدّعى منه شمول قدرته لجميع ما له امكان الصدور عن مؤثّر ، فلو فرض ما لم يمكن تعلّق قدرة فاعل به ـ لعدم استعداد المادّة لحدوثه ـ وصحّ اطلاق اسم الممكن على مثله فلا ضير في عدم تعلّق قدرته ـ تعالى ـ به ؛ ولو لم يصدق عليه اسم الممكن وكان معدودا في الممتنع فالأمر فيه ظاهر.
وبما ذكرنا يندفع ما قيل : انّ مقصود المورد انّه إذا كانت المادّة مستعدّة لحدوث ممكن دون آخر لم تكن نسبة الذات إلى جميع الممكنات على السواء ، لا أنّه يجوز صدور ممكن عن غير الواجب ؛ ولم يلزم من الجواب المذكور ثبوت تساوي النسبة ، بل اللازم منه عدم ايجاب كون المادّة مستعدّة لحدوث ممكن / ٩٦MA / دون آخر ـ لجواز صدور ممكن عن غير الواجب ـ ، وهو غير المقصود.
ووجه الاندفاع : انّ ما يقدح في عموم القدرة انّما هو جواز صدور ممكن عن غير الواجب ، لا عدم جواز صدور ممكن عن فاعل اصلا ؛ فالمورد إن ادّعى انّه يلزم على قاعدة الحكمة صدور ممكن عن غير الواجب يكون مقدورا له ـ تعالى ـ ، فلا يثبت عموم القدرة ؛
فيندفع دعواه بالجواب المذكور ؛
وإن لم يدع واكتفى بمجرّد لزوم عدم جواز صدور ممكن عن فاعل ؛
فيجاب عنه : بأنّه غير قادح في عموم القدرة.
والحقّ انّ هذا الجواب غير صحيح على القواعد الّتي قرّرناها ، لأنّ كلّما صدق
__________________
(١) الاصل : ـ و.