للواجب ولغيره لا يوجب توارد العلل المستقلّة على معلول واحد شخصي ، ولا كون المعنى العامّ مع ضعف وجوده علّة للواحد بالشخص ، لأنّ الماهية بدون ضمّ الوحدة العددية والخصوصية الشخصية ليست واحدة بالعدد ، بل تكون واحدة بالعدد إذا اعتبرت مع وجودها ووحدتها العددية ، فهي بهذا الاعتبار ليست مقدورة بالذات لقادرين حتّى يلزم المفسدتان ، بل مقدورة لأحدهما فقط. ولا يمكن أن يصدر بعينها بهذه الوحدة والوجود الخاصّ عن الآخر ، بل تلك الماهية إذا صدرت عن الآخر تكون مغايرة بالعدد للماهية الصادرة عن الأوّل لاقترانهما بوجود آخر ووحدة عددية أخرى وإن اتّحدتا من حيث الحقيقة والمعنى ، فالمعنى العامّ الّذي هو القدرة المشتركة بين القادرين لا يكون علّة لواحد بالعدد ، بل يكون علّة أيضا لأمر عامّ والعلّة الواحد بالعدد انّما هو واحد بالعدد أيضا من أفراد العامّ ، فالعامّ علّة للعامّ والخاصّ علّة / ١٠٢MA / للخاصّ.
وأنت تعلم انّ الواحد بالمعنى انّما يتصوّر في الحقائق الكلّية ـ كالانسان وغيره ـ دون الأفراد والأشخاص ، فحقيقة كلام هذا المجيب يرجع إلى : انّ كلّ ما يصدر عن غيره ـ تعالى ـ من فرد مندرج تحت نوع ـ كزيد المندرج تحت الانسان مثلا ـ يمكن للواجب أن يوجد فرد آخر لهذا النوع ـ كعمرو مثلا ـ ، فيشتركان الفردان في الماهية ، وهي لكونها في نفسهما واحدة بالمعنى وإن اختلفت بالعدد ؛ والمقدور بالذات هي تلك الماهية من حيث واحدة بالمعنى لا من حيث اقترانها بالخصوصيات من الوجود والوحدة العددية. فمن حيث وحدتها المعنويّة لا يلزم عدم اشتراك المقدور بالذات بينهما ، إذ الماهية المتحقّقة في ضمن زيد هي بعينها متحقّقة في ضمن عمرو ، والتفاوت بينهما إنّما هو بانضمام الخصوصيات الخارجة من الوجود والشخص ، فالماهية مع وحدتها المعنوية وكلّيتها متحقّقة في ضمن جميع الأفراد. وهذا هو معنى وجود الكلّى الطبيعي في الخارج ، فالماهية المتحقّقة في ضمن زيد الموجودة من أحد القادرين إذا أوجدها الآخر في ضمن عمرو يصدق انّه أوجد تلك الماهية ، فالمقدورات بالذات أمر متحقّق موجود في الخارج مشترك بينهما ، إلاّ أنّه من حيث انتفاء الوحدة العددية لا يلزم المفسدتان المذكورتان. و