ـ كما انّ الخيرات الصادرة عنه تعالى بالواسطة وبدونها مقصودة له بالذات ـ لزم أن لا يكون خيرا محضا ، فيجب أن تكون مقصودة بالعرض ـ أي : من حيث أنّه تابع لخيرات كثيرة ، لا من حيث هو ـ. كما انّه ينبغي أن يقيّد الوجه الأوّل بكون الشرّ الواقع بالعرض شرّا قليلا ومستندا إلى واسطة لا إليه ـ تعالى ـ ؛ إذ لو وجد في نظام الكلّ موجود شرّه مساو لخيره أو غالب على خيره لم يكن النظام نظاما أصلح / ١٠١DB / ولو لم يكن هذا الشرّ مستندا إلى غيره ـ تعالى ـ ، بل كان مستندا إليه ـ تعالى ـ ولو بالعرض لزم مناسبة الخير المحض للشرّ. فاحراق شخص أو بلدة أو افناء خلق كثير بالطاعون أو غيره مع عدم كونه مقصودا بالذات في النظام يجب أن يكون فاعله القريب غيره ـ تعالى ـ ، ولا يجوز أن يكون الواجب ـ تعالى ـ فاعله القريب. وكونه تابعا ومقصودا بالعرض مع كون فاعله القريب هو الله ـ سبحانه ـ انّما يتصوّر بأن يصدر هذا الاحراق أو الافناء منه ـ تعالى ـ بلا واسطة وكان مشتملة على صلاح راجع إلى نظام الكلّ ويكون المقصود بالذات منه هذا الصلاح دون الشرّ الراجع إلى الاشخاص الفانية. وأمّا إذا جعل (١) الاحراق مستندا إلى النار والاماتة إلى الهواء وكيفياته وكان وجود النار والهواء مستندا إلى الله ـ سبحانه ـ وكان المقصود بالذات له ـ تعالى ـ من ايجادهما ما يلزمها من المنافع العظيمة والخيرات الجسيمة دون هذا الاحراق الموذي لبعض الاشخاص وهذه الاماتة الّتي هو شرّ لطائفة ، فحينئذ يكون وقوعها بالعرض ولا يكون فاعلهما القريب هو الله ـ تعالى ـ ، فلا يلزم كونه ـ تعالى ـ مناسبا للشرّ. فظهر انّ مجرّد القول بأنّ الشرور الواقعة في نظام الكلّ شرور اضافية واقعة في القضاء الإلهي بالعرض ـ كما هو ظاهر الوجه الاوّل ـ أو مجرّد القول بأنّها شرور قليلة خيراتها أو خيرات الأشياء المتبوعة لها كثيرة غالبة ـ كما هو ظاهر الوجه الثاني ـ ليس قامعا لشبهة الثنوية ؛ بل لا بدّ من القول بهما جميعا مع ضمّ انّ تلك الشرور / ١٠٧MA / القليلة الإضافية الواقعة بالعرض صادرة عن غيره ـ تعالى ـ من الوسائط الممكنة مع كون صدورها منه ـ تعالى ـ ممكنا بالنظر إلى ذاته تعالى ـ حتّى يندفع الشبهة ويثبت عموم القدرة. و
__________________
(١) في النسختين : أجل.