أهلهما ، لأنه موجدهما ومدبرهما (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) أي ما أبصر الله وما أسمعه بكل شيء وهذا التعجب يدل على أن علمه تعالى بالمبصرات والمسموعات خارج عما عليه إدراك المدركين لا يحجبه شيء ولا يحول عنه حائل (ما لَهُمْ) أي لأهل السموات والأرض (مِنْ دُونِهِ) تعالى (مِنْ وَلِيٍ) يتولى أمورهم ويقيم لهم تدبير أنفسهم فكيف يعلمون هذه الواقعة من غير إعلامه تعالى (وَلا يُشْرِكُ) تعالى (فِي حُكْمِهِ أَحَداً) (٢٦) فلما حكم تعالى أن لبثهم هو هذا المقدار فليس لأحد أن يقول قولا بخلافه.
وقرأ ابن عامر «لا تشرك» بالتاء على الخطاب لكل أحد وبالجزم على النهي أي ولا تسأل أحدا عما أخبرك الله به من عدة أصحاب الكهف ومن مدة لبثهم في الغار واقتصر على حكمه تعالى ولا تشرك أحدا في طلب معرفة هذه الواقعة (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) ولا تسمع لقولهم : أئت بقرآن غير هذا أو بدله (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) أي لا قادر على تبديلها (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ) تعالى (مُلْتَحَداً) (٢٧) أي ملجأ تعدل إليه إن هممت بالتبديل للقرآن (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) أي يعبدونه في كل الأوقات.
قرأ ابن عامر «بالغدوة» بضم الغين وسكون الدال. (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي مريدين بعبادتهم لرضاه تعالى (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) أي لا تنصرف عيناك عنهم إلى غيرهم (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي ترغب في مجالسة الأغنياء وجميل الصورة (وَلا تُطِعْ) في تنحية الفقراء عن مجالسك (مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ) أي وجدنا قلبه غافلا (عَنْ ذِكْرِنا) أي عن توحيدنا (وَاتَّبَعَ هَواهُ) في عبادة الأصنام (وَكانَ أَمْرُهُ) في متابعة الهوى (فُرُطاً) (٢٨) أي ضائعا نزلت هذه الآية في عيينة بن حصن الفزاري فإنه أتى النبي صلىاللهعليهوسلم قبل أن يسلم وعنده جماعة من الفقراء منهم سلمان الفارسي وعليه شملة قد عرق فيها وبيده خوص يشقه وينسجه فقال عيينة للنبي أما يؤذيك ريح هؤلاء ونحن سادة مضر وأشرافها إن أسلمنا تسلم الناس وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء فنحهم عنك حتى نتبعك أو اجعل لنا مجلسا ولهم مجلسا وقد أسلم هو رضياللهعنه وحسن إسلامه وكان في حنين من المؤلفة قلوبهم فأعطاه النبي صلىاللهعليهوسلم منها مائة بعير وكذلك أعطي الأقرع بن حابس ، وأعطي العباس بن مرداس أربعين بعيرا.
وروى أبو سعيد رضياللهعنه قال : كنت جالسا في عصابة من ضعفاء المهاجرين وإن بعضهم ليستر بعضا من العرى وقارئ يقرأ من القرآن فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «ماذا كنتم تصنعون»؟ قلنا : يا رسول الله كان واحد يقرأ من كتاب الله ونحن نسمع فقال صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم» ثم جلس وسطنا وقال : «أبشروا يا صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل الأغنياء بمقدار خمسين ألف