ومن هنا يظهر الحال في الفرض الذي حصل الاستيعاب بهما معا ، أو كان أحدهما أكثر استيعابا ، فإنّ مقتضى إطلاق سببيّة كل من الأربعين والخمسين لثبوت موجبه عدم الخروج عن عهدة الزكاة المفروضة في مجموع هذا المال ، إلّا بالأخذ بما يحصل به الاستيعاب مع الإمكان ، وإلّا فالأكثر استيعابا.
ولعلّ هذا المعنى هو المقصود بقوله ـ عليهالسلام ـ في ذيل صحيحة الفضلاء ـ بعد أن ذكر النصاب الكلّي ـ : «ثمّ ترجع الإبل على أسنانها» وفي خبر الأعمش : «ويرجع إلى أسنان الإبل» بمعنى أنّه بعد أن كثرت الإبل لا يبقى لفريضتها حدّ مضبوط ، بل تجعل الإبل منطبقا على الأسنان التي يتحقّق بها تزكية الجميع ، وهذا ممّا يختلف باختلاف الموارد ، ففي مورد هي : ثلاث بنات لبون ، وفي آخر : بنتا لبون وحقّة ، وفي ثالث :عكسه ، وفي رابع : ثلاث حقق ، وهكذا.
وممّا يؤيّده أيضا : قوله ـ عليهالسلام ـ في الصحيحة المزبورة بعد هذه الفقرة : «وليس على النيّف شيء ، ولا على الكسور شيء» فإنّه مشعر باختصاص العفو بالنيّف الذي هو اسم لما بين العقدين دون نفس العقود ، وهذا إنّما يتمّ لو جعلنا المرجع أسنان الإبل بالمعنى الذي ذكرناه ، إذ لا عقد من العقود إلّا ويطابقه أحد النصابين ، أو كل منهما أو كلاهما معا ، كما لا يخفى على المتأمّل.
والمراد بقوله : «ليس على النيّف شيء» على الظاهر إنّما هو في النصاب الأخير ، أي : بعد أن كثرت الإبل ، لا مطلقا ، كي ينافيه ثبوته في مثل ستّ وعشرين ، وغيرها من النصب التي وقع التصريح بحكمها مفصلا قبل هذه الفقرة ، فلا مقتضي لحمل (النيّف) على إرادة ما بين