كتأخيرها عن شهر رمضان ، لحكمة رآها النبي صلىاللهعليهوآله ، فلا تصلح هذه الصحيحة معارضة للصحيحة السابقة.
وقد ظهر بما أشرنا إليه ـ في تقريب الاستدلال للمشهور بالصحيحة المزبورة من حكومتها على سائر الأدلّة الدالّة على اعتبار حؤول الحول في الوجوب أنّ ما ذكره المحدّث الكاشاني ـ من أنّا لو حملناه على استقرار الزكاة ، فلا يجوز تقييد ما ثبت بالضرورة من الدين بمثل هذا الخبر الواحد ـ لا يخلو من نظر ، لأنّه إن أراد بما ثبت بالضرورة من الدين اعتبار الحول بمعناه الحقيقي ، الذي هو عبارة عن اثني عشر شهرا تامّا ، فهذا ممّا لم يثبت بالضرورة ، كيف والمشهور ـ إن لم يكن مجمعا عليه ـ خلافه! وإن أراد اعتباره بالمعنى الذي أريد منه في الأخبار وفي معقد الإجماع والضرورة التي هي مستند هذا الحكم ، فغاية الأمر صيرورة ما دلّ عليه كآية أو سنّة متواترة ، وقد تقرّر في محله جواز التصرّف في ظاهر الكتاب والسنّة المتواترة ، بالخبر المعتبر ، خصوصا إذا كان بمنزلة التفسير له كما في المقام ، فالشأن إنّما هو في تحقيق مفاد هذه الصحيحة ، وتشخيص مقدار حكومتها على سائر الأدلّة.
فأقول : قوله ـ عليهالسلام ـ : «فإذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال الحول» لم يقصد به حقيقته جزما ، لأنّ حؤول الحول إنّما يتحقّق بتمامه الذي هو عبارة عن اثني عشر شهرا كاملا.
فهذا الكلام مبني : إما على التصرّف في لفظ الحول باستعماله في أحد عشر شهرا ، فتكون اللام الداخلة عليه حينئذ للعهد ، ومعناه حينئذ أنّ الحول الذي اعتبره الشارع في باب الزكاة قد حال بمضيّ أحد عشر شهرا ، فتدلّ بالالتزام على أنّ للحول في باب الزكاة معنى شرعيّا ، وهو أحد عشر شهرا.