قال في الوافي : هذا الحديث لا ينافي ما قبله ، لأنّ التبديل إنّما يجوز بالدراهم والدنانير دون غيرهما (١). انتهى.
ولكنّك قد عرفت ظهور الخبر المروي عن قرب الإسناد المعتضد بالشهرة ومعاقد الإجماعات المحكيّة في خلافه ، مضافا إلى ما ادّعيناه من إمكان استفادته ممّا ورد في بيان المصرف ، فما ذهب إليه المشهور هو الأقوى.
وأمّا الخبر المزبور فهو بظاهره غير معمول به ، إذ لا يتعيّن إخراج الدراهم حتى فيما إذا كانت الفريضة من جنسها ، لجواز إخراج قيمتها من الدنانير نصّا وإجماعا ، فلم يقصد بقوله ـ عليهالسلام ـ : «لا يعطيهم إلّا الدراهم» خصوص الدراهم ، بل هي جارية مجرى التمثيل ، فأريد بها إمّا عين الفريضة التي تعلّق التكليف بإخراجها أوّلا وبالذات ، كما يؤيّده قوله ـ عليهالسلام ـ : كما أمر الله تعالى» فيتعيّن حينئذ حمله على الأفضليّة ، لما عرفت من جواز إخراج القيمة في الجملة نصّا وإجماعا ، أو النقد الغالب الذي يقدّر به القيمة ويقع الثمن غالبا ، أي الدراهم والدنانير ، فيصير حينئذ شاهدا للقول المزبور.
ولكن لم يتعيّن إرادة هذا الاحتمال ، بل الاحتمال الأوّل أوفق بظاهر قوله ـ عليهالسلام ـ : «كما أمر الله» مع أنّ مقتضى الجمع بينه وبين رواية قرب الإسناد المتقدمة (٢) وغيرها حمل هذه الرواية على هذا التقدير أيضا على الأفضليّة ، أو على ما إذا كان دفع الثمن أصلح للفقير من شراء شيء له.
__________________
(١) الوافي ١٠ : ١٥٢.
(٢) تقدّمت في صفحة ٢١٧.