من حيث هي اقتضاء في إيجاب شيء ، إذ المؤثّر في إيجاب الزكاة إنّما هو مجموع النصاب من حيث المجموع ، وهو سبب لإيجاب فرد من المسنّة ، وليس نصف من هذا ونصف من ذاك فردا من المسنّة ، ولا العشرون من البقر والعشرون من الجاموس من حيث هما سببان لإيجاب نصفي مسنّة ، بل مجموعها سبب واحد لإيجاب مسنّة ، وقضيّة إطلاق المسنّة كفاية إخراج مسمّاها من أيّ الصنفين شاء ، كما قوّاه في المدارك (١) وغيره (٢).
ودعوى انصرافها في مثل الفرض بواسطة المناسبة المغروسة في الذهن إلى فريضة قيمتها مقسّطة على الصنفين ، غير مسموعة ، خصوصا بعد أن علم بأنّ الشارع لم يلاحظ القيمة في هذا الباب ، بل لاحظ العدد ، فوضع في خمس من الإبل شاة ، وفي أربعين شاة شاة ، وفي ثلاثين بقرة تبيعا حوليّا ، وهكذا من غير فرق بين كون الجميع من أعلى الأسنان وأغلاها قيمة أو أدناها أو مختلفة.
وأمّا ما قيل : من أنّ هذا هو الذي تقتضيه قاعدة الشركة ، ففيه بعد الغضّ عمّا حقّقناه من ضعف القول بالشركة الحقيقيّة ، أنّه ليس لما يستحقّه الفقير في كلّ نصاب حدّ مضبوط سوى ما قدّره الشارع فريضة لذلك النصاب ، فالعبرة في تشخيص حقّ الفقير المتعلّق بجنس البقر بما يتبادر من إطلاق قوله : «في كلّ ثلاثين بقرة تبيع حوليّ وفي أربعين بقرة مسنّة» (٣) وهذا ممّا لا يختلف فيه الحال بين أن نقول : بأنّ حق الفقير
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ١٠٢.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٤ : ٧٣ ، جواهر الكلام ١٥ : ١٥٣.
(٣) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب زكاة الأنعام ، الحديث ١.