أخذ الأكولة والوالدة وفحل الضراب بوساطة المناسبة المغروسة في الذهن ، إنما هو رعاية حال المالك والإرفاق به ، كما فهمه الأصحاب ، فما ذكروه من أنّه لو تطوّع المالك بإخراجها جاز ، متّجه.
لا يقال : فعلى هذا لا وجه لتخصيص هذه الثلاثة بالمنع بعد ما بيّنّا ـ فيما سبق ـ من أنّ الخيار للمالك في إخراج أيها شاء.
لأنّا نقول : المقصود بمثل هذه النواهي بيان ما يستحقّه الساعي بحيث لو امتنع المالك عن أداء الزكاة ، أو كان غائبا مثلا ، أو أوكل الأمر إليه ، بأن يقول له : خذ ما تستحقّه من غير زيادة ، فيستفاد من مثل هذه النواهي أنّه ليس للساعي ـ عند كون الأمر موكولا إليه شرعا أو برخصة المالك ـ أن يأخذ مثل المذكورات التي هي من كرائم أموالهم ، فلا ينافيه كون المالك مخيّرا في دفع أيّها شاء.
ثمّ إنّهم اختلفوا في عدّ الأكولة وفحل الضراب من النصاب ، فظاهر الأكثر كما في المدارك (١) ، بل المشهور كما في الحدائق (٢) عدّهما.
وحكي عن جمع ، منهم المحقّق في النافع ، والشهيد في اللمعة ، والعلّامة في الإرشاد : عدم عدهما (٣) ، واختاره صريحا في الحدائق (٤).
وعن المحقّق الأردبيلي : نفي البعد عنه (٥) ، لقوله ـ عليهالسلام ـ في صحيحة عبد الرحمن المتقدمة (٦) : «ليس في الأكيلة ، ولا في الربّى التي
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ١٠٦.
(٢) الحدائق الناضرة ١٢ : ٦٩.
(٣) حكاه عنهم : صاحب الحدائق فيها ١٢ : ٦٩ ، وانظر : المختصر النافع : ٥٦ ، واللمعة الدمشقية : ٥٠ ، وإرشاد الأذهان ١ : ٢٨١.
(٤) الحدائق الناضرة ١٢ : ٧٠.
(٥) حكاه صاحب الحدائق فيها ١٢ : ٧٠ ، وانظر مجمع الفائدة والبرهان ٤ : ٧٤.
(٦) تقدّمت في صفحة ٢٧٦.