يجب الرجوع في حكمه إلى ما يقتضيه الأصل ، وهو براءة الذمة عن التكليف بالزكاة ، كما حكي القول بذلك عن خلاف الشيخ وتذكرة الفاضل (١) ، خلافا لما عن غير واحد من الحكم بالوجوب.
ففي المسالك بعد أن اعترف بأنّه لو نقص عن النصاب ولو حبة في كل الموازين ، لم تجب الزكاة ، قال : وأمّا لو نقص في بعضها وكمل في بعض آخر وجبت ، لاغتفار مثل ذلك في المعاملة (٢).
وفيه : أنّ اغتفاره في المعاملة مبنيّ على المسامحة ، ولذا يتسامحون لدى اختلاف الموازين في الفضّة بما لا يتسامحون بمثله في الذهب ، وفي الحنطة والشعير بما لا يتسامحون في النقدين ، وفي أيّام الرخاء بما لا يتسامحون في أيّام الغلاء.
والحاصل أنّ المدار على بلوغ النصاب حقيقة لا مسامحة ، واختلاف الموازين أو اتّفاقها لا يؤثّر في تغيير الحكم.
واستدلّ له أيضا بصدق بلوغ النصاب بهذا الميزان وهو كاف في وجوب الزكاة ، إذ لا يعتبر بلوغه بالجميع ، لعدم إمكان تحقّقه.
وفيه ما عرفت من أنّ موضوع الحكم كونه في حدّ ذاته بالغا حد النصاب ، سواء وجد في العالم ميزان أم لم يوجد ، والرجوع إلى الموازين المتعارفة في البلد ، لكونها طريقا لمعرفة مقادير الأشياء ، فإذا بلغ النصاب بشيء منها ، يجب التعويل عليه من باب أصالة الصحّة والسلامة ما لم يعلم نقصه ، كما جرت عليه سيرة العرف والعقلاء في معاملاتهم ، ولدى
__________________
(١) كما في جواهر الكلام ١٥ : ١٧٣ وانظر : الخلاف ٢ : ٧٥ ، المسألة ٨٨ ، وتذكرة الفقهاء ٥ : ١٢٦.
(٢) مسالك الأفهام ١ : ٣٨٤.