إطلاق أساميها في المحاورات العرفيّة ومعاملاتهم ، ووقوع شيء منها في حيّز التكليف بصرفه إلى الغير ، إلى اليابس منها ، فلا يتبادر من الأمر بالتصدّق بشيء من هذه الأجناس إلّا إرادة يابسها ، ولذا لم يقع الخلاف في عدم وجوب إخراج الزكاة من الأخضر ، وعدم جواز إلزام الساعي بالدفع منه ، وعدم العبرة ببلوغها حدّ النصاب قبل الجفاف إذا نقص عنده ، وليس شيء من ذلك لدليل تعبّدي ، بل لعدم انسباق غير اليابس من أدلتها ، كما لا يخفى على المتأمّل.
هذا كلّه ، مع أنّ ما حكي عن بعض اللّغويّين من كون البسر أو الرطب نوعا من التمر ، مع معارضته بقول من عداه ممّا يشهد العرف بخطئه ، خصوصا في البسر.
نعم ، صحّة إطلاق اسم الحنطة والشعير على الحبّ بعد اشتداده بل قبله أيضا ليس بالبعيد ، فلو قلنا بكفايته في تعلّق الزكاة به ، وعدم انصراف إطلاق اسمها الوارد في أدلّة الزكاة عنه ، اتّجه القول بالتفصيل بينهما ، وبين التمر والزبيب ، ومخالفته للإجماع المركّب غير معلومة ، بل قد يستشعر أو يستظهر من المتن التفصيل ، حيث جعل محلّ الخلاف التمر والزبيب دون الحنطة والشعير ، فهو مشعر بالمفروغيّة عن صدق الاسم فيهما الذي هو مناط الوجوب عنده.
ومنها : عمومات وجوب الزكاة ، خرج ما خرج ، وبقي الباقي.
وقد يقال في تقريب هذا الدليل : إنّ مقتضى العمومات وجوب الزكاة فيما سقته السماء مطلقا ، وأدلّة تعلّق الزكاة بالحنطة والشعير والتمر والزبيب ـ أي الأخبار الحاصرة للزكاة في هذه الأجناس ـ لا تنهض لتقييدها ، لأنّ المتبادر منها إرادة الأجناس الأربعة في مقابل الأجناس الأخر ، دون العنب والرطب مثلا.