أمّا على ما ذهب إليه المصنّف من عدم وجوب الزكاة في الغلّات إلّا بعد تسميتها حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا فظاهر ، لأنّ تملّكها قبل ذلك كاف في تعلّق الزكاة بالمتملّك ، كما سيصرّح به المصنّف ـ رحمهالله ـ وإن لم ينم في ملكه.
وأمّا على القول بتعلّق الوجوب بها ببدوّ الصلاح ، فلأنّ الثمرة إذا انتقلت بعد ذلك ، تكون زكاتها على الناقل قطعا وإن نمت في ملك المنتقل إليه ، وكان الأوضح جعل الشرط كونها مملوكة وقت بلوغها الحدّ الذي يتعلّق به الزكاة ، كما اقتضاه صريح كلام الفريقين (١). انتهى.
أقول : الظاهر عدم الخلاف في اشتراط تعلّق الزكاة في الغلّات بنموها في ملكه ، وعدم كفاية ملكيّتها حال التجفيف بحيث لو اشترى عنبا أو رطبا من السوق وجفّفهما ، فصارا خمسة أوساق زبيبا أو تمرا ، لوجب عليه زكاته ، فإنّ هذا ممّا لا يظنّ بأحد الالتزام به ، خصوصا فيما إذا لم يكن العنب أو الرطب الذي اشتراه ـ على تقدير بقائه على ملك مالكه ـ متعلّقا للزكاة ، بأن كان العنب الذي اشتراه ملكا لصغير ، أو مملوكا لأشخاص لم يكن يبلغ نصيب كل منهم حدّ النصاب.
وليس في عبارة المصنّف الآتية تصريح ، بل ولا ظهور في كفاية تملكها قبل الاتصاف بالزبيبيّة والتمريّة في تعلّق الزكاة بالمتملّك ، وإنّما صرّح بنفيها على المالك لو أخرجها عن ملكه قبل ذلك ، حيث قال ـ في مسألة ما لو اشترى نخلا أو ثمرته بعد بدوّ صلاحها ، بعد أن حكم أوّلا بأنّ زكاتها على البائع كما هو المشهور ـ ما لفظه :والأولى الاعتبار بكونه تمرا ، لتعلّق الزكاة بما يسمّى تمرا ، لا بما
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ١٤٠ ـ ١٤١.