المدّعى من عدم وجوب الزكاة إلّا بعد إخراج حصّة السلطان بمعناها الشامل لكلا القسمين ، لما عرفت من الفرق بينهما فيما هو مناط الحكم ، فلا يصحّ مقايسة الخراج بالمقاسمة ، ولكن دعوى الانصراف قابلة للمنع ، فليتأمّل.
واستدلّ له أيضا بما عن الفقه الرضوي : «وليس في الحنطة والشعير شيء إلى أن يبلغ خمسة أوسق ، والوسق ستّون صاعا ، والصاع أربعة أمداد ، والمدّ مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف ، فإذا بلغ ذلك وحصل بعد خراج السلطان ومئونة العمارة والقرية أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان بعلا ، وإن كان سقي بالدلاء ففيه نصف العشر ، وفي التمر والزبيب مثل ما في الحنطة والشعير» (١).
وفي الحدائق ، بعد أن نقل هذه العبارة دليلا للقول باستثناء المئونة مطلقا ، قال : وبهذه العبارة عبّر الصدوق في الفقيه.
ومنه يظهر أنّ مستنده في الحكم المذكور إنّما هو هذا الكتاب (٢).
أقول : وحكي عن الهداية والمقنع والمقنعة أيضا التعبير بنحو ما في الفقيه ، من استثناء خراج السلطان ومئونة ألقيه (٣). فكأنّه أريد بـ «مئونة القرية» ما له دخل في تحصيل الغلّة ، أي مئونة الزرع الحاصل في القرية من حيث حصوله فيها ، فإنّ أرباب القرى يعاملون غالبا مع من يزرع في قريتهم معاملة السلطان مع رعاياه في وضع الخراج عليهم ،
__________________
(١) أورده صاحب الحدائق فيها ١٢ : ١٢٥ ، وانظر : الفقه المنسوب للإمام الرضا ـ عليهالسلام ـ : ١٩٧.
(٢) الحدائق الناضرة ١٢ : ١٢٥ ، وانظر : الفقيه ٢ : ١٨ ـ ١٩.
(٣) حكاه العاملي في مفتاح الكرامة ، ج ٣ ، كتاب الزكاة ، ص ٩٨ ، وانظر : المقنع والهداية (ضمن الجوامع الفقهية) : ١٣ و ٥٤ ، والمقنعة : ٢٣٩.