وما في صدر العبارة من تقييد موضوع المئونة بما يتكرّر في كلّ سنة ، لعلّه للاحتراز عن مثل حفر الآبار وكري الأنهار ونحوها ، ممّا يعدّ عرفا من أسباب عمارة الأرض ، فهي كثمن الأرض التي يشتريها لا يعدّ عرفا من مئونة أشخاص الزراعات الحاصلة فيها ، وإن كان لدى التحليل لم يقصد بأصل شراء الأرض أو إجراء النهر إلّا الانتفاع بالزرع الحاصل ، كما لا يخفى على من راجع العرف.
فما في كلمات بعض من بسط مثل هذه المؤن على السنين المتكررة بمقدار قابليّتها للبقاء لا يخلو من مناقشة.
نعم ، لو دعاه إلى حفر بئر أو قناة خصوص زراعة ، لعدّت عرفا من مئونتها ، كما أنّه لو اشترى أرضا لذلك ، لكان ذلك أيضا كذلك ، فليتأمّل.
ولكن هذا بالنسبة إلى زراعة هذه السنة التي بملاحظتها حفرت هذه البئر ، أو كري هذا النهر ، دون سائر السنين الآتية التي يكون حال البئر والقناة بالمقايسة إليها ، حال الأرض التي ملكها في السنين السابقة بشراء ونحوه في عدم كون ما صرفه في تحصيلها معدودا من مئونتها.
وكيف كان ، فقد عرفت أنّه لم يرد في شيء من النصوص الواصلة إلينا التصريح باستثناء المئونة ، عدا ما وقع في عبارة الفقه الرضوي من التعبير بلفظ «المئونة» من غير إضافتها إلى الزرع أو الغلّة ، كما هو المدّعى ، بل إلى القرية. وإنما التزمنا باستثنائها بدعوى استكشافه من الشهرة المعتضدة بالإجماعات المحكية ، وعدم القول بالفصل بين بعض المؤن التي دلّت الأدلّة على استثنائه ، كأجر الحارس ، والعذق والعذقين له.
فإن بنينا على أنّ ما استكشفناه بهذا الدليل ، هو : كون لفظ