ففي المدارك بعد أن نقل عن المصنّف وغيره دعوى اتفاق الأصحاب عليه في ثمرة النخل والكرم ، قال : واختلف الأصحاب في جواز الخرص في الزرع [و] (١) أثبته الشيخ وجماعة ، لوجود المقتضي ، وهو : الاحتياج إلى الأكل منه قبل يبسه وتصفيته ، ونفاه ابن الجنيد والمصنّف في المعتبر ، والعلّامة في المنتهى والتحرير ، لأنّه نوع تخمين وعمل بالظنّ ، فلا يثبت إلّا في موضع الدلالة. ولأنّ الزرع قد يخفى خرصه لاستتار بعضه وتبدّده ، بخلاف النخل والكرم ، فإنّ ثمرتها ظاهرة ، فيتمكّن الخارص من إدراكها والإحاطة بها ، ولأنّ الحاجة في النخل والكرم ماسّة إلى الخرص ، لاحتياج أربابها إلى تناولها غالبا رطبة قبل الجذاذ والاقتطاف ، بخلاف الزرع ، فإنّ الحاجة إلى تناول الفريك (٢) قليلة جدّا (٣) انتهى.
واستدلّ في محكي المعتبر على جوازه في ثمرة النخل والكرم بما روي من أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم.
ولأنّ أرباب الثمار يحتاجون إلى الأكل والتصرّف في ثمارهم ، فلو لم يشرع الخرص لزم الضرر (٤).
أقول : إنّما يلزم من عدم شرع الخرص ـ أي : عدم تجويز الشارع العمل بالخرص والتخمين في تعيين مقدار حقّ الفقير ـ الضرر والحرج على المالك لو قيل بتعلّق الزكاة بماله من حين بدوّ الصلاح ، وعدم جواز إخراج حقّ
__________________
(١) زيادة من المصدر.
(٢) أفرك الزرع : إذا بلغ أن يفرك باليد. النهاية لابن الأثير ٣ : ٤٤٠.
(٣) مدارك الأحكام ٥ : ١٥٩ و ١٦٠ ، وانظر : المعتبر ٢ : ٥٣٧ ، والخلاف ٢ : ٦٠ ، المسألة ٧٣ ، ومنتهى المطلب ١ : ٥٠١ ، وتحرير الأحكام : ٦٣.
(٤) حكاه صاحب المدارك فيها ٥ : ١٦٠ ، وانظر : المعتبر ٢ : ٥٣٥ و ٥٣٧.