الفقير حتّى يجفّفه ويجعله تمرا أو زبيبا ، وهذا ممّا لا يساعد عليه دليل ، بل الأصول والأدلّة بأسرها قاضية بخلافه ، وأنّه متى وجب عليه الزكاة في ماله ، جاز له إخراجها وإيصالها إلى مستحقّها ، وله الولاية على ذلك ، ولذا نفينا الإشكال من إخراج الرطب والعنب عن مثله ، فلا يلزم حينئذ من عدم جعل الخرص والتخمين حجّة في حقّه حرج أو ضرر عليه ، فإنّ له ما لم يعلم ببلوغ الثمرة حدّ النصاب ، الرجوع إلى البراءة ، والتصرّف في جميعها ، ولدي علمه بالنصاب يجوز له إخراج عشر كلّ ما يحتاج إلى التصرّف فيه للأكل أو غيره من مقاصده بالوزن أو الكيل ، من غير اعتماده في شيء من ذلك على الخرص والتخمين.
فالاستدلال لجواز الخرص بلزوم الضرر والحرج ، لا يخلو من مناقشة ، خصوصا مع عدم مناسبته لمذهبه من أنّ وقت الوجوب وقت التسمية ، كما لا يخفى.
وكيف كان ، فممّا يدلّ على مشروعيّة الخرص مضافا إلى المرسل المتقدم في عبارة «المعتبر» المنجبر ضعفه باشتهاره بين الخاصّة والعامّة ، قول أبي الحسن ـ عليهالسلام ـ في صحيحة سعد بن سعد الأشعري : «في العنب إذا خرصه أخرج زكاته» (١) وهذه الرواية تدلّ على جوازه ولو من غير الساعي.
وصحيحته الأخرى عن الرضا عليهالسلام ، قال : سألته عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها؟ قال : «إذا صرم وإذا خرص» (٢).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥١٤ / ٥ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب زكاة الغلّات ، الحديث ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٥٢٣ / ٤ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب زكاة الغلّات ، الحديث ١.