قبل هذا الفرع ، فلا يناسبه تعليل نفي الضمان بأنّ الحصّة في يده أمانة.
فالأولى الاستدلال له بأنّ التعويل على الخرص إنّما يصحّ لدى عدم انكشاف مخالفته للواقع ، وأمّا بعد الانكشاف فالحكم يدور مدار واقعه ، كما هو الشأن في سائر الطرق الظنّية التي دلّ الدليل على اعتبارها.
ومن هنا يظهر النظر في ما ذكروه في صورة العكس أيضا من أن له الزيادة ، فإنّ مقتضى عموم قوله ـ عليهالسلام ـ : «في ما سقته السماء العشر» وجوب إيصال عشر الحاصل إلى مستحقّه ، والخرص إنّما شرّع لتعيين مقدار العشر ، لا لرفع هذا الحكم عن موضوعه ، فإذا انكشف خطأه في ما زعمه عشرا بأن ظهر كونه ناقصا ، وجب على المالك إكماله ، وإن كان زائدا لم يجب عليه دفع الزائد.
اللهمّ إلّا أن يلتزم باعتبار الخرص على جهة الموضوعيّة والسببيّة لانقلاب التكليف إلى ما أدّى إليه نظر الخارص ، أو يقال بأنّ مرجع تضمينهم حصة الفقراء بما أدّى إليه نظره إلى المصالحة معهم عمّا يستحقّه الفقير بكذا ، فيتّجه على هذا ما حكي عن مالك من القول : بأنّه لو تلفت الثمرة بآفة سماويّة بغير تفريط من المالك ، لم يسقط ضمانه ، لأنّ الحكم انتقل إلى ما قال الخارص (١).
وشيء منهما ممّا لا يساعد عليه دليل ، بل الأصول والأدلّة جميعها قاضية بخلافه ، إذ لم يعلم ممّا دلّ على أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان يبعث من يخرص عليهم كرومهم ونخيلهم ، ولا من غيره ـ ممّا دلّ على شرعيّة الخرص في باب الزكاة ـ أزيد من إرادة معرفة حقّ الفقير بطريق التخمين ، وجواز التعويل على هذا الطريق في مقام مطالبة المالك
__________________
(١) حكاه المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٣٦.