قال : وقولهم : التجارة عمل ، قلنا : لا نسلم أنّ الزكاة تتعلّق بالفعل الذي هو الابتياع ، بل لم لا يكفي إعداد السلعة لطلب الربح؟ وذلك يتحقّق بالنيّة ، وإلى هذا القول ذهب الشهيد ـ رحمهالله ـ في الدروس ، والشارح في جملة من كتبه ، ولا بأس به (١). انتهى ما في المدارك.
أقول : قد أشرنا إلى كفاية جعل المال معدا للاسترباح والاتّجار به في صحّة إطلاق اسم مال التجارة عليه ، ولكن لا يبعد أن يدعى أنّ المنساق من إطلاقه عرفا المال المستعمل في عمل التجارة ، لا مطلق ما وضع لذلك ، بحيث يعمّ مثل الفرض.
ولو سلم الشمول وعدم انصراف إطلاق هذا الاسم عنه ، فدعوى :أنه تتناوله الروايات المتضمّنة لاستحباب زكاة التجارة ، غير مسلّمة ، إذ لا يكاد يستفاد من تلك الروايات ثبوت الزكاة في كل ما يصحّ أن يقع عليه اسم مال التجارة على الإطلاق ، بل في المال الذي اتّجر فيه ، كما أشار إليه شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ في كلامه المتقدّم (٢).
فما ذكره المصنّف ـ رحمهالله ـ في ردّ من قال : بأنّ التجارة عمل فلا يتحقّق بمجرّد النية من أنّه لم لا يكفي إعداد السلعة لطلب الربح؟وذلك يتحقّق بالنيّة ، ففيه : أنّ كفايته لتعلّق الزكاة به تحتاج إلى الدليل ، إذ الحكم مخالف للأصل.
والروايات الدالة عليه غير وافية بذلك ، فإنّها ما بين ما هو وارد في الموضوع الذي تعلّقت التجارة به بالفعل ، كالمستفيضة الواردة في من كسد عليه متاعه ، التي سيأتي نقلها في مسألة اشتراط طلب رأس المال
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ١٦٥ ـ ١٦٦ ، وانظر : المعتبر ٢ : ٥٤٨ ـ ٥٤٩ ، والدروس ١ : ٢٣٨ ، ومسالك الأفهام ١ : ٤٠٠ ، والروضة البهية ٢ : ٣٧.
(٢) تقدم في ص ٤٢٥.