أشهر ، فإنّه من أخفى مصاديق الفقير الذي لا يبعد دعوى انصراف إطلاق اسمه عنه لولا دلالة النصوص والفتاوى على عمومه.
ودعوى أنّ من لم يكن له حرفة أو ممرّ معيشة واف بمئونته عادة على سبيل الاستمرار لا يعدّ في العرف غنيّا وإن كان بالفعل مالكا لما يفي بمئونة سنة أو سنتين ، بل يرونه محتاجا إلى تحصيل مال كذلك ، وعنده قصور يده عنه يرونه فقيرا ، مدفوعة بعدم كون الاحتياج إلى تحصيل مثل هذا المال مصحّحا لإطلاق اسم الفقير عليه على الإطلاق ، بل هو بالفعل غنيّ لدى العرف حال كونه واجدا لمئونة سنته ، فالقول بأنّ الفقير : من لم يقدر على كفايته وكفاية من يلزمه من عياله عادة على الدوام ـ كما هو المحكي عن الشيخ في مبسوطة وصريح المحكي عن المفاتيح ـ ضعيف.
وأمّا القول بأنّ الفقير من لم يملك نصابا من الأثمان أو قيمته فقد استدلّ له بالنبوي العامي : أنّه صلىاللهعليهوآله ، قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : «إنّك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم» (١) ، إذ ليس لخصوصيّة النصاب ولا لجامعيّته لشرائط الزكاة ـ كحؤول الحول عليه إن كان ممّا يعتبر فيه الحول ـ مدخليّة في تسمية بالفعل غنيّا ، فيكشف ذلك عن أنّ من كان مالكا لهذا المقدار من المال فاضلا عن مسكنه وخادمه ـ الذي يحتاج إليه في تعيّشه مثلا من أيّ جنس يكون ـ هو غني وإن لم يجب عليه الزكاة بالفعل ، لاختلال شيء
__________________
(١) سنن الدارمي ١ : ٣٧٩.