زائد عن حدّ الإغناء ، فلا تدلّ الروايات المزبورة على جوازه ، بل تدلّ على عدمه ، لزيادته عن الحدّ المرخوص فيه.
ويدفعه أنّ المنساق من الإغناء المأمور به في تلك الأخبار ، هو :الإغناء العرفي الرافع لحاجته عن تناول الصدقات ، مثل أن يعطيه ضيعة أو عقارا أو مقدارا من المال الذي يتمكّن معه من شراء مثل ذلك أو الاكتساب به على وجه يعدّ في العرف من الأغنياء الغير المحتاجين في مؤونتهم إلى الغير ، لا الغنى المقابل للاحتياج الفعلي المانع عن أخذ الصدقات المقصور مدته على ما قبل أن يصرف شيئا من المال الموجب لغناه في نفقته ، إذ لا غنى بمثل هذا الغنى ـ الذي هو في معرض الزوال بمضيّ يوم أو يومين أو شهر أو شهرين ـ عن الاحتياج إلى تناول الزكاة ، فلو سلم صحّة إطلاق اسم الغني عليه في العرف فهو خارج عن منصرف إطلاقه جزما.
مع أنّ بعض الأخبار المزبورة كرواية أبي بصير (١) نصّ في جواز أخذ الفقير من الزكاة زائدا عمّا يحتاج إليه في أكله وشربه وكسوته بمقدار ما يتمكن من التزويج والصدقة والحج ، وذكر هذه الأمور في الرواية جار مجرى التمثيل ، أريد به بيان جواز تناول الفقير من الزكاة زائدا عن ضروريات معاشه بمقدار ما يتمكن معه من القيام بمثل هذه المصارف العظيمة من غير ضرورة عرفيّة ملجئة إليها.
وكذا موثّقة إسحاق ، المرخّصة في إعطاء الأربعمائة والخمسمائة (٢) ، فإنها تدلّ على أنّ المراد بالإغناء هو الإغناء العرفي الذي لا يتحقّق عادة
__________________
(١) تقدّمت في ص ٥٠٦.
(٢) تقدمت في ص ٥٠٦.