الله عليه وآله ـ يتألّفهم ، ويعلّمهم ويعرّفهم كيما يعرفوا ، فجعل لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا» (١).
في الحدائق بعد نقل الأخبار المزبورة قال : وهذه الأخبار ـ كما تراها ـ ظاهرة في أنّ (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) قوم مسلمون قد أقرّوا بالإسلام ودخلوا فيه ، لكنّه لم يستقر في قلوبهم ولم يثبت ثبوتا راسخا ، فأمر الله تعالى نبيّه بتألّفهم بالمال ، لكي تقوى عزائمهم ، وتشتدّ قلوبهم على البقاء على هذا الدين ، فالتأليف إنّما هو لأجل البقاء على الدين والثبات عليه ، لا لما زعموه من الجهاد كفّارا كانوا أو مسلمين ، وأنّهم يتألّفون بهذا السهم للجهاد (٢). انتهى.
أقول : الذي يظهر بالتدبّر في الآثار والأخبار ، وكلمات الأصحاب أنّ (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) الذين جعل لهم نصيبا من الصدقات أعمّ من الجميع ، بل يتناول أيضا الكفّار الذين يقصد بتأليف قلوبهم دخولهم في الإسلام ، ولكن لا يترتّب على تحقيق ذلك ثمرة مهمّة بعد ما تقرّر من أنّه يجوز للوالي أن يصرف من الزكاة إلى مثل هذه الوجوه التي فيها تشييد الدين ، وأنّه لا يجب التوزيع والبسط على الأصناف ، غاية ما في الباب : أنّه لو لم يكن الكافر الذي يتألّف قلبه إلى الإسلام أو إلى الجهاد مندرجا في موضوع (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) الذين جعل لهم هذا السهم ـ كما زعمه صاحب الحدائق ـ اندرج ما يصرف إليه بهذا الوجه في سهم سبيل الله ، كما ستعرف.
وكذا البحث عن سقوط هذا السهم بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ،
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٤٩ / ١٢٩ ، وراجع تفسير القمي ١ : ٢٩٨.
(٢) الحدائق الناضرة ١٢ : ١٧٧.