ولو فرض ظهور شيء منها في إرادة الإطلاق أو صراحته في ذلك ، لتعيّن طرحه أو تأويله بما يرجع إلى ذلك ، لقضاء الضرورة بجواز إعانة الظالم على فعل المباحات ، فضلا عن إعانته على أداء الواجبات وفعل المستحبّات ، كوفاء ديونه ، والإنفاق على زوجته وأقاربه ، وغير ذلك ممّا يعدّ الإعانة عليه إعانة على البرّ والتقوى من غير فرق في ذلك بين أن يكون ذلك بصرف المال إليه وبين سائر المقدمات التي يستعين بها على قضاء حوائجه الضروريّة ، وإنّما المرجوع إعانته في ما يعود إلى جهة ظلمه وفسقه.
نعم إذا كان من شأنه الاقتحام في المعاصي ، قد تكون التوسعة عليه موجبا لصرف ما زاد عن نفقته في المعصية ، فيكون حينئذ من قبيل بيع العنب ممّن يعلم أو يظنّ بأنّه يعمله خمرا ، فيكون الدفع إليه حينئذ زائدا (١) عن مقدار حاجته الفعليّة مرجوحا ، كما أشير إلى ذلك في خبر بشر بن بشار ، المروي عن العلل ، قال : قلت للرجل ـ يعني أبا الحسن ـ عليهالسلام ـ : ما حدّ المؤمن الذي يعطى من الزكاة؟ قال : «يعطى المؤمن ثلاثة آلاف» ثمّ قال : «أو عشرة آلاف ، ويعطى الفاجر بقدر ، لأنّ المؤمن ينفقها في طاعة الله ، والفاجر في معصية الله» (٢).
وهذه الرواية كما تراها نصّ في عدم كون الفسق من حيث هو مانعا عن الاستحقاق ، وظاهرها حرمة إعطاء الزيادة على ما يحتاج إليه في حوائجه اللازمة ، لا لأجل كونه فاسقا من حيث هو ، بل لأجل أنّه يصرفها في المعصية.
__________________
(١) كلمة «زائدا» لم ترد في النسخة الخطية ، واستظهرت في هامش الطبع الحجري.
(٢) علل الشرائع : ٣٧٢ ، الباب ٩٨ ، الحديث ١.