رمضان ، فأمر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مناديه ، فنادى في الناس : إنّ الله تعالى فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ، ففرض عليهم من الذهب والفضّة ، وفرض عليهم الصدقة من الإبل والبقر والغنم ، ومن الحنطة والشعير ، والتمر ، والزبيب ، ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان ، وعفا عمّا سوى ذلك» قال : «ثمّ لم يتعرّض بشيء من أموالهم حتّى حال عليه الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا ، فأمر مناديه ، فنادى في المسلمين : أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم ، ثمّ وجّه عمّال الصدقة وعمّال الطسوق» (١) (٢).
ولكن هذا كله بعد تسليم أصل الانصراف المزبور ، والقدر المتيقّن منه الّذي يصحّ تسليمه ، إنما هو انصراف أدلّة الزكاة عن المال الّذي ليس لمالكه من حيث هو ، التصرّف فيه كيفما شاء وإخراجه عن ملكه بهبة أو بيع ونحوه ، لقصور سلطنته بالذات ، كما في الوقف ، أو بواسطة تعلّق حقّ الغير به ، كما في الرهن وشبهه ، لا مجرّد تعلّق حكم تكليفي بترك إخراجه عن ملكه أو صرفه في مصرف معين من غير أن يؤثّر ذلك شرعا أو عرفا نقصا في ملكيّته كما إذا منعه أبوه عن إخراج النصاب عن ملكه ، أو نذر بذلك أو حلف عليه ، فإنّ هذا النحو من المنع من التصرّف ليس موجبا لانصراف الأدلّة عنه جزما ، بل وكذا لو حلف على صرفه في مصرف معين لمصلحة نفسه مثلا ، فإنّ هذا أيضا غير موجب لنقص ملكيّته ولا لانصراف أدلّة الزكاة عنه ، فلا يصلح النذر وشبهه حينئذ ، مانعا عن تعلّق الزكاة به عند حصول شرائطه ، كما تقدمت
__________________
(١) الطسوق : جمع طسق. وهو ضريبة توضع على الخراج. القاموس المحيط ٣ : ٢٥٨ «طسق».
(٢) الكافي ٣ : ٤٩٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٨ / ٢٦ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، الحديث ١.