مرادا من النصّ والفتوى جزما.
فالّذي ينبغي أن يقال : إنّ الذي يستفاد من هذه الأخبار ليس إلّا اعتبار كون المال في يده تمام الحول ـ أي : تحت تصرّفه ـ بحيث يكون بقاؤه عنده مستندا إلى اختياره ، فإنّ هذا هو المنساق إلى الذهن من مثل هذه الأخبار ولو بانضمام بعضها إلى بعض ، فلا يكفي مجرّد وصول المال إليه وبقائه عنده بقهر قاهر ، من غير أن يتحقّق له استيلاء عليه بإبقائه وإتلافه.
وأما كون تصرّفه بكل من الإبقاء والإتلاف سائغا له شرعا ، فهو أمر آخر ، لا يفهم اعتباره من هذه الأخبار.
وغاية ما يمكن الاستدلال به لذلك ما سبقت الإشارة إليه عند البحث عن اشتراط كون الملك تامّا ، من أنّ المنساق إلى الذهن من أدلة الزكاة إنما هو تعلّقها بالملك الطلق الذي يكون لمالكه التصرّف فيه ، والتسلّط على دفعه إلى الفقير ، أو صرفه في سائر مقاصده ، وهذا بالنسبة إلى حال تعلّق الوجوب واضح.
ولكنّ الاستدلال به لاعتبار كون المال كذلك في تمام الحول إنما يتمّ بانضمامه إلى ما يظهر من كلماتهم من التسالم على أنّ ما هو شرط لتعلّق الزكاة ، يعتبر استمراره في تمام الحول ، كما يشعر بذلك أدلّة اعتبار الحول ، حيث يستشعر منها إرادته في المال الذي من شأنه الصرف في مقاصده ، وأنّه إذا تركه حتّى حال عليه الحول فإنّه يزكيه.
ويؤيّده أيضا ما ورد في كيفية شرع الزكاة ، مثل ما في الصّحيح عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله ـ عليهالسلام ـ : «لمّا نزلت آية (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) (١) وأنزلت في شهر
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٠٣.