ولا ورود ولا صدور ، ولا ظهر لصفاتي عين ، ولا تحقق وصل ولا بين ، ولا كان عرش ، ولا مهّد فرش ، ولا رفع غمام ، ولا أحرق اصطلام ، ولا كان فناء ولا بقاء ، ولا قبض ولا عطاء ، إلى غير ذلك من الأسرار ، ولا أشرقت الأنوار على الأسرار ، ولا جرت بحار الخلق على الأطوار ، لولاك ما عبدت ، ولا وحدت ، ولا علمت ، ولا دعوت ولا أجبت ، ولا دعيت ولا أجبت ، ولا شكرت ولا كفرت ، ولا بطنت ولا ظهرت ، ولا قدمت ولا أخرت ، ولا نهيت ولا أمرت ، ولا أعلنت ولا أسررت ، ولا أخبرت ولا أوضحت ، ولا أشرت ، أنت قطب الفلك ، ومعلم الملك ، رهين المحبس ، وسلطان المقام الأقدس ، أنت كيميائي ، وأنت سيميائي ، أنت إكسير القلوب ، وحياض روض الغيوب ، بك تنقلب الأعيان ، أيها الإنسان ، أنت الذي أردت ، وأنت الذي اعتقدت ، ربك منك إليك ، ومعبودك بين عينيك ، ومعارفك مردودة عليك ، ما عرفت سواك ، ولا ناجيت إلا إياك. هذا كله في شرف الإنسان الكامل وإليه يشير ما جاء في الخبر [ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي] ـ يراجع الشرح في كتاب النجاة شرح كتاب الإسراء.
(ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (٥)
ـ الوجه الأول ـ فما بعده أسفل منه. ـ الوجه الثاني ـ (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) أي هوى به مركب أعماله إلى أسفل سافلين إذا كان عمله فاسدا ، وقد كان في أحسن تقويم ـ الوجه الثالث ـ (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) ليجمع له كمال الصورة بالأوصاف كما ذكر عن نفسه أنه عليه ، فأين اتصافه بنفي المثل عن نفسه ، من اتصافه بالحد والمقدار ، من استواء ونزول واستعطاف وتلطف في خطاب وغضب ورضا ، وكلها نعوت المخلوق؟ فنحن بينه وبين معقولية الطبيعة التي أنشأ منها الأجسام الطبيعية ، وأنشأ من نسبة توجهه عليها الأرواح المدبرة ، والإنسان ما ذكره الله في كتابه في موضع إلا وذكر عند ذكره صفة نقص تدل على خلاف ما خلق له ، لأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وهو أنه خلقه له ، ثم رده إلى أسفل سافلين ليكون له الرقي إلى ما خلقه الله له ، ليقع الثناء عليه بما ظهر منه من رقيه ، فمن الناس من بقي في أسفل سافلين الذي ردّ إليه ، وإنما ردّ إليه لأنه منه خلق ، ولو لا ذلك لما صح رده ، وليس أريد بأسفل سافلين إلا حكم الطبيعة التي منها