من كلامه : « يبطل عقد السلب الدهري ويقع في حيزه عقد الايجاب الدهري » ـ كانا زمانيين ، وإن كانا مجتمعين في حالة واحدة ـ كما يظهر من بعض / ٥٠MB / اخر من كلماته المتقدّمة حيث قال : « وليس حدّ العدم السابق فيه متميزا عن حد الوجود اللاحق » ـ لزم الحدوث الذاتي ؛ انتهى.
ووجه اندفاعه : انّهما ليسا مجتمعين ، بل متعاقبين لا بالتعاقب الزماني ، بل بالتعاقب الدهري الواقعي ـ كما مرّ مفصّلا ـ. فلا يلزم كونهما زمانيين ، فانه قال قبل هذا : الواقع المسمّى بالدهر ـ الّذي هو وعاء عدم العالم ـ إن كان معدوما صرفا فكيف يتحقّق به الانفكاك الواقعي ويكون وعاء للموجود كالواجب أو غيره من المجرّدات ، وإن كان موجودا فامّا أن يكون قديما فيلزم وجود قديم سوى الله ، فمن يرضى بقدم الواقع الّذي هو غير الله ـ تعالى ـ فما باله لا يرضى بذلك لغيره من الزمان والعالم! ؛ وإن كان حادثا فامّا يلزم التسلسل أو الانتهاء إلى القديم ؛ وكلاهما باطلان. وأيضا الدهر إمّا ثابت بنفسه من غير علّة ، فيكون واجبا لذاته ، وهو باطل ؛ أو بالواجب لذاته ومعلول له ، فان كان منتزعا منه فيلزم قيامه بذاته ـ تعالى ـ وهو محال. ولو قطع النظر عنه نقول : ما قام به ـ تعالى ـ كيف يصير ظرفا لعدم العالم ولغيره ـ تعالى ـ من المبدعات؟! وإن لم يكن منتزعا منه ـ بل كان موجودا منفصلا عنه تعالى قديما أو حادثا ـ فمع لزوم كون الواجب موجودا لا في الدهر والواقع يعود بعض الاشكالات المتقدّمة أيضا ، فمن تأمّل يظهر له انّ اكثر الاشكالات الواردة على الزمان الموهوم يرد على الدهر أيضا ، مع اختصاصه بورود اشكالات أخر.
قلنا : أوّلا انّ الواقع أو الخارج ونفس الأمر المرادف للدهر ممّا لم يختصّ باثباته القائلون بالحدوث الدهري ، بل هو ممّا قال به جميع الفلاسفة والمتكلّمين ، فالترديد فيه بانّه موجود أو معدوم ، قديم أو حادث ، ثابت بنفسه أو معلول ـ مع ما ذكر من فساد كلّ شقّ ـ يرد عليهم أيضا ؛ فما يقولون في الجواب فهو جوابنا بعينه. ولا فرق بيننا وبينهم إلاّ انّ الحكماء يقولون : انّ الواقع لا ينفكّ عن وجود العالم والمتكلّمون يقولون لا ينفكّ عن الزمان الموهوم ، ونحن نقول ينفكّ عنهما ويحصل به الانفكاك بين الواجب