والزمان والعالم ، فالايراد المختصّ بنا هو انّه كيف يمكن أن يحصل به الانفكاك؟ ، وقد تقدّم جواب ذلك.
وأمّا ما أورده هنا من الترديدات فيه وايراد فساد كلّ شقّ فوروده مشترك بيننا وبين الحكماء والمتكلّمين.
وأمّا ثانيا : انّ الواقع والخارج أو نفس الأمر ـ على ما تقدّم مفصّلا ـ ليس إلاّ حدّ ذات كلّ شيء ومرتبته ، فوجود كلّ شيء في الواقع هو كونه في حدّ ذاته ومرتبته. فهو من لوازم وجود كلّ موجود ، فليس موجودا منفصلا ولا معدوما صرفا ، بل هو شيء واقعي نفس أمري له منشأ انتزاع هو موجود ما ، وهو في القديم قديم وفي الحادث حادث وفي كلّ موجود بحسبه وعلى ما يليق به ، وما يتحقّق لكلّ واحد من الموجودات غير ما يتحقّق للآخر. فالواقع الثابت للواجب ـ تعالى شأنه ـ هو ما يليق ويناسب ذاته ـ تعالى ـ ، وليس هو ثابتا لغيره ، وكذا ما يثبت للعقول غير ما يثبت للافلاك وهكذا ؛ وليس شيئا ممتدّا ـ كالزمان ـ حتّى يقال : لا يناسب أن ينتزع من ذاته ـ تعالى ـ ؛
قلنا : انّا نختار من الترديدات كونه قديما منتزعا عن ذاته ـ تعالى ـ ولا يلزم فساد ، لأنّ حدّ ذات الواجب ومرتبته ليس شيئا سوى الله حتّى يلزم وجود قديم سوى الله ، وهذه المرتبة ليست مرتبة لغيره ـ تعالى ـ حتّى يلزم أن يكون ما ينتزع من الواجب وعاء لغيره ـ تعالى ـ.
ثمّ ما ذكرنا هاهنا يؤكّد ويقوّي ما ذكرنا / ٤٨DB / قبل ذلك من أنّ الواقع صالح لأن يحصل به الانفكاك بين الواجب والعالم ، لانّ منشأ الانفكاك حقيقة بين الأشياء انّما هو حدود ذوات الاشياء ومراتبها ، فالانفكاك الواقعي بين الواجب والعالم ونفي المعية عنهما لا يتوقّف على تخلّل شيء موجود على حدة ، بل هما يحصلان بمجرّد اعتبار وجودهما في حدّ ذاتهما وتحقّقهما في مرتبة حقيقتهما مع تخلّل العدم الصرف الخالص.
فوجود الواجب ـ تعالى شأنه ـ في حدّ ذاته وحاقّ مرتبته يكفي لانفكاكه عن العالم وعدم وجوده معه ، وهذا الحدّ أو المرتبة هو المعبّر عنه عندنا بالدهر أو السرمد. فالدهر