يحتسب شرعا من السنة اللاحقة ، فكأنّ المحدّث الكاشاني نظر في عبارة المتقدّمة إلى ذلك ، فرآه مصادمة للضرورة ، فمنع جواز إثباته بالخبر الواحد في مقابل السيرة الجارية على بعث عامل الصدقات في كلّ سنة مرّة ، والروايات الدالّة على أنّها لا تجب في كلّ سنة إلّا مرّة ، وأنّه لا يزكّى مال في عام من وجهين ، وإباء غير واحد منها ـ كصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (١) ـ عن إرادة أحد عشر شهرا من الحول.
وكيف كان ، فهذا المعنى مع الغضّ عن سائر المبعدات ، في حد ذاته بعيد ، والمنساق من الصحيحة إنّما هو إرادة المعنى الثاني ، أي : التجوّز في النسبة بتنزيل دخول الشهر الثاني عشر منزلة انقضاء الحول حكما.
فالمراد به إمّا تنزيله منزلته على الإطلاق ، أي بالنسبة إلى جميع ما يعتبر وجوده في تمام الحول ، وقضيّة ذلك استقرار الوجوب بدخول الثاني عشر ، كما هو ظاهر المشهور ، أو في خصوص تعلّق التكليف بالزكاة ، دون سائر الشرائط المعتبرة في تمام الحول ، فيثبت حينئذ به الوجوب مراعى بعدم اختلال سائر الشرائط ـ كلا أو بعضا ـ إلى تمام السنة ، أو في خصوص الحكم الذي سيقت هذه الفقرة لبيانه ، أي من حيث حرمة التفويت وإتلاف متعلّق الزكاة ، كما يظهر من المحدّث الكاشاني.
والأوّل أقرب إلى معناه الحقيقي ، والأخير أقرب إلى مفهومه العرفي بالنظر إلى خصوصية المورد ، وما يقتضيه الجمع بينه وبين غيره ممّا دلّ على اعتبار سائر الشرائط في تمام الحول ، إذ لا يلزم على تقدير حمله على هذا المعنى التصرّف في ظاهر شيء من تلك الأدلّة ، بخلاف سائر المحامل.
__________________
(١) تقدمت في صفحة ١٦٦.