وقال ابن هشام في التوضيح بعد أن ذكر أنّ مميّز الثلاثة والعشرة وما بينهما إن كان اسم جنس أو اسم جمع ، خفض بـ (من) تقول : ثلاثة من التمر أكلتها ، وعشرة من القوم لقيته ، ما لفظه ممتزجا بكلام الأزهري في شرحه : ويعتبر التذكير والتأنيث مع اسمي الجنس والجمع بحسب حالهما ، باعتبار عود الضمير عليهما تذكيرا وتأنيثا ، فيعطى العدد عكس ما يستحقّه ضميرهما ، فإن كان ضميرهما مذكّرا أنّث العدد ، وإن كان مؤنّثا ذكّر ، فتقول في اسم الجنس : ثلاثة من الغنم عندي ، بالتّاء في (ثلاثة) ، لأنّك تقول : غنم كثير ، بالتذكير ، للضمير المستتر في (كثير) ، وثلاث من البط ، بترك التاء عن (ثلاث) ، لأنّك تقول : بطّ كثيرة ، بالتأنيث ، للضمير المستتر في (كثيرة) وتقول : ثلاثة من البقر ، بالتاء ، أو : ثلاث ، بتركها ، لأنّ ضمير البقر يجوز فيه التذكير والتأنيث باعتبارين ، وذلك ، لأنّ في البقر لغتين : التذكير والتأنيث ، قال الله تعالى «إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا» (١) بتذكير الضمير. وقرئ : تشابهت ، بتأنيثه (٢). انتهى.
ومن هنا يظهر أنّه لا يصحّ الاستشهاد للقول المزبور بما في الأخبار المزبورة من قوله : «فإذا زادت واحدة» (٣) حيث وصف مفردها بالواحدة ، مع أنّه لا واحدة للإبل من لفظها ، فإنّ مقتضى القاعدة المزبورة أنّه إذا كان العدد واحدا أو اثنين ، أن يعطي عين ما يستحقّه ، ضمير هما من التذكير والتأنيث ، بأن يقال : واحد من القوم لقيته ، وواحدة من الإبل أو البطّ ذبحتها ، كما لا يخفى.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٧٠.
(٢) أوضح المسالك إلى الفئة ابن مالك ٤ : ٢٤٥ ـ ٢٤٨.
(٣) الكافي ٣ : ٥٣٢ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٢١ / ٥٣ ، الإستبصار ٢ : ١٩ / ٥٧ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب زكاة الأنعام ، الحديث ٤.