ولكن مع ذلك كلّه ، لا ينبغي ترك الاحتياط في باب الوصيّة والكفّارات ونظائرها ممّا لا شاهد على إرادة مطلق الفقير من لفظ المسكين بالاقتصار على الأسوإ حالا من مطلقه ، والله العالم.
وكيف كان ، فلمّا لم يجب البسط على أصناف المستحقّين ـ كما ستعرف ـ لا يترتّب على تحقيق أنّ الفقراء والمساكين صنف واحد أو صنفان ، وأنّ أحدهما أسوأ حالا من الآخر ثمرة مهمة في هذا الباب.
وإنما المهم بيان الحدّ المسوّغ لتناول الزكاة في هذين الصنفين وهو عدم الغنى ، وهذا على إجماله ممّا لا خلاف فيه ، كما عن غير واحد التصريح به.
قال العلامة في التذكرة : قد وقع الإجماع على أنّ الغني لا يأخذ شيئا من الزكاة من نصيب الفقراء : للآية (١).
ولقوله ـ عليهالسلام ـ : «لا تحلّ الصدقة لغني» (٢).
ولكن اختلفوا في الغنى المانع من الأخذ ، فللشيخ قولان ، أحدهما :حصول الكفاية حولا له ولعياله (٣) ، وبه قال الشافعي ومالك (٤) ، وهو الوجه عندي ـ إلى أن قال ـ والقول الثاني للشيخ : إنّ الضابط من يملك نصابا من الأثمان أو قيمته فاضلا عن مسكنه وخادمه (٥) ، وبه قال
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٦٠.
(٢) سنن أبي داود ٢ : ١١٨ / ١٦٣٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٩ / ١٨٣٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٢ / ٦٥٢ ، سنن النسائي ٥ : ٩٩ ، المستدرك للحاكم ١ : ٤٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ١٦٤ و ١٩٢ و ٣٨٩ و ٥ : ٣٧٥.
(٣) الخلاف ٤ : ٢٣٨ ، المسألة ٢٤.
(٤) المجموع ٦ : ١٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٣ ، المغني ٢ : ٥٢٢ و ٧ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٩.
(٥) المبسوط ١ : ٢٧٥.