على الظنّ أن يكون مراده بالوجوب غير الوجوب المصطلح ، كما يؤيّد ذلك ما حكي عنه في تهذيبه من أنّه قال : الوجوب عندنا على ضربين : ضرب على تركه اللوم والعتاب ، وضرب على تركه العقاب (١).
وأمّا عن الأخبار فبأنّ ظاهرها الاستحباب ، كما ستعرف.
وأما عن الآية الشريفة وهي قوله تعالى «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» (٢) فأوّلا باحتمال أن يكون المراد بالحق الزكاة المفروضة ، كما ذكره جمع من المفسّرين (٣).
ويؤيّده إشعار سوقها بمعهودية الحقّ ومعلوميّته قبل نزول هذه الآية.
ولكن في المدارك بعد نقل هذا الجواب قال : ولكن ورد في أخبارنا إنكار ذلك.
روى المرتضى ـ رحمهالله ـ في الانتصار عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ في قوله تعالى «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» قال : ليس ذلك الزكاة ، ألا ترى أنّه تعالى قال «وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (٤).
قال المرتضى ـ رحمهالله ـ : وهذه نكتة مليحة ، لأنّ النهي عن السرف لا يكون إلّا فيما ليس بمقدّر ، والزكاة مقدّرة (٥).
وثانيا بحمل الأمر على الاستحباب ، بشهادة قول الصادق ـ عليهالسلام ـ ، في خبر معاوية بن شريح : في الزرع حقّان ، حق تؤخذ
__________________
(١) حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٣ كتاب الزكاة : ٣ ، وانظر : التهذيب ٢ : ٤١ ذيل الحديث ١٣٢.
(٢) الأنعام ٦ : ١٤١.
(٣) منهم : الطبرسي في مجمع البيان ٤ : ٥٧٨ ، والزمخشري في الكشّاف ٢ : ٧٣.
(٤) الأنعام ٦ : ١٤١.
(٥) مدارك الأحكام ٥ : ١٢ ـ ١٣ ، وانظر : الانتصار : ٧٦.