الحيوان لا يصدق عليه أنّه إنسان بل يصدق عليه عدمه ، ولا يصدق عليه عدم الحيوان ؛ فإنّه أحد أنواعه ، ويصدق أيضا عدم الإنسان على ما ليس بحيوان ، وهو ظاهر ، فعدم الحيوان لا يشمل أفراد عدم الإنسان ، وعدم الإنسان شامل لما ليس بحيوان وغيره ، فعدم الأخصّ أعمّ من عدم الأعمّ ، فإذا ترتّب شيئان في العموم والخصوص وجودا ترتّبا على العكس عدما بأن يصير الأخصّ أعمّ من طرف العدم.
المسألة السابعة عشرة : في قسمة الوجود والعدم إلى المحتاج والغنيّ.
قال : ( وقسمة كلّ منهما إلى الاحتياج والغنى حقيقيّة ).
أقول : كلّ واحد من الوجود والعدم إمّا أن يكون محتاجا إلى الغير أو يكون مستغنيا.
والأوّل والثاني عبارتان عن وجود الممكن وبقائه وعدمه باعتبار الاستمرار المحتاج إلى عدم العلّة.
والثالث عبارة عن وجود واجب الوجود.
والرابع عبارة عن عدم الممتنع كشريك البارئ.
وهذه القسمة حقيقيّة تكون على سبيل المنفصلة الحقيقيّة الدائرة بين النفي والإثبات ، من غير تصوّر اجتماع القسمين ولا ارتفاعهما فيها ، أي بمنع الجمع والخلوّ :
أمّا منع الجمع ؛ فلاستحالة كون المستغني عن الغير محتاجا إليه وبالعكس.
وأمّا منع الخلوّ ؛ فلأنّه لا قسم ثالث لهما ، فقد ظهر أنّ هذه القسمة حقيقيّة.
المسألة الثامنة عشرة : في الوجوب والإمكان والامتناع.
قال : ( وإذا حمل الوجود أو جعل رابطة ، تثبت موادّ ثلاث في أنفسها ، وجهات في التعقّل دالّة على وثاقة الرابطة وضعفها ، وهي الوجوب ، والامتناع ، والإمكان ).