وعظمت منزلته عند السلطان القاجاري وكبر في عينيه فكان يزوره في كلّ شهر أو أقلّ منه ، فاشتغل بالتدريس والإفادة والتصنيف والتأليف ، وتخرّج على يديه خلال تلك السنين العلاّمة السيّد نصر الله الأسترآبادي والميرزا محمّد الأندرماني الطهراني والمولى جعفر بن محمّد طاهر النوري وغيرهم.
وكان للأسترآبادي رحمهالله دور في الجهاد والدفاع عن حمى الإسلام ، فقد سافر سنة ١٢٤١ مع السيّد محمّد الطباطبائي ـ المعروف بالسيّد المجاهد ـ إلى الجهاد ومواجهة القوّات الروسية التي تعدّت على بعض الحدود الإيرانية ، فما كان من السيّد محمّد المجاهد إلاّ أن طلب من الشاه إعلان الحرب على روسيا ، وتوجّه هو وجماعة من العلماء والطلاّب والصلحاء إلى « تفليس » مارّين بطهران (١).
ولمّا رجع الأسترآبادي من الجهاد ذهب إلى مكّة ليحجّ بيت الله الحرام ، ورجع من طريق النجف فنزل كربلاء المقدّسة مستوطنا فيها إلى أن حدث مرض الطاعون سنة ١٢٤٦ ، فمات فيها جملة من أهله وأولاده.
وبعد مكثه في كربلاء عامين خرج منها قاصدا زيارة الإمام الرضا عليهالسلام خائفا يترقّب ، نتيجة لما وقع بينه وبين الشيخ أحمد الأحسائي وبعده مع أصحاب الشيخ الذين أرادوا الفتك به وجرحوه مرّتين ونجّاه الله تعالى.
وطال سفره حيث أقام مدّة في كرمانشاه وطهران وأسترآباد ولما وصل خراسان عزم على المكث بها ، فقام بالوظائف الشرعية ، وحدث نزاع بينه وبين الشيخ عبد الخالق اليزدي إلى أن رجع السلطان محمّد شاه القاجاري من حرب هراة ، والتقى الأسترآبادي ورغّبه في العودة إلى طهران ، وأخذ منه العهود والمواثيق بذلك ، فرجع إليها ، وأقبل عليه السلطان والأعيان ووجوه الخاصّة والعامّة ، لا سيّما في الجماعة والائتمام ، وحصلت له المرجعية التامّة ، فكان المرجع الديني الذي يرجع إليه في سائر أمور الدنيا والدين إلى أن لبّى نداء ربّه الجليل (٢).
__________________
(١) حول ظروف وملابسات هذه الواقعة انظر : « أعيان الشيعة » ٩ : ٤٤٣.
(٢) لمزيد المعرفة انظر : « طبقات أعلام الشيعة » الكرام البررة ٢ : ٢٥٣ وما بعدها.