أحدها : أنّ وجود ما لا يتناهى محال على ما يأتي.
الثاني : أنّه يلزم منه تركّب واجب الوجود تعالى ؛ لأنّه موجود ، فيكون ممكنا ، هذا خلف.
الثالث : أنّه يلزم منه انتفاء الحقائق أصلا ؛ لأنّه يلزم منه تركّب الماهيّات البسيطة ، فلا يكون البسيط متحقّقا ، فلا يكون المركّب متحقّقا.
وهذا كلّه ظاهر البطلان.
قال : ( ولانفكاكهما تعقّلا ).
أقول : هذا هو الوجه الثاني الدالّ على زيادة الوجود.
وتقريره : أنّا قد نعقل الماهيّة ونشكّ في وجودها الذهني والخارجي ، والمعقول مغاير للمشكوك. وكذلك قد نعقل وجودا مطلقا ونجهل خصوصيّته ، فيكون مغايرا لها. وقد نعقل الماهيّة ونغفل عن وجودها ، فيكون غيرها.
لا يقال : إنّا قد نتشكّك في ثبوت الوجود ، فيلزم أن يكون ثبوته زائدا عليه ويتسلسل.
لأنّا نقول : الشكّ ليس في ثبوت وجود الوجود ، بل في ثبوت الوجود نفسه للماهيّة ، وذلك هو المطلوب.
قال : ( ولتحقّق الإمكان ) (١).
أقول : هذا وجه ثالث على الزيادة.
وتقريره : أنّ ممكن الوجود متحقّق بالضرورة ، والإمكان إنّما يتحقّق على تقدير الزيادة ؛ لأنّ الوجود لو كان نفس الماهيّة أو جزءها ، لم تعقل منفكّة عنه ، فلا يجوز عليها العدم حينئذ ، وإلاّ لزم اجتماع النقيضين ، وهو محال.
وانتفاء جواز العدم يستلزم الوجوب ، فينتفي الإمكان حينئذ ؛ للمنافاة بين الإمكان الخاصّ والوجوب الذاتي ، ولأنّ الإمكان عبارة عن تساوي نسبة الماهيّة
__________________
(١) في « كشف المراد » : ٢٦ و « تجريد الاعتقاد » : ١٠٦ أضيفت كلمة « الخاص » إلى « الإمكان ».