حلف القانع بتملكه على الدارين ، لصدقه الله عز وجل بذلك ولأبره ، لعظم شأن مرتبة القناعة ، ثم كيف لا يقنع العبد بما قسم الله له ، وهو يقول : ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (١) فمن أذعن وصدقه بما شاء ولما شاء ، بلا غفلة وأيقن بربوبيته ، أضاف تولية الأقسام الى نفسه بلا سبب ، ومن قنع بالمقسوم استراح من الهم والكرب والتعب ، وكلما انقص من القناعة زاد في الرغبة ، والطمع في الدنيا أصل كل شر ، وصاحبها لا ينجو من النار إلّا أن يتوب ، ولذلك قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ملك القناعة لا يزول ، وهي مركب رضى الله تعالى ، تحمل صاحبها الى داره ، فاحسن التوكل فيها لم تعطه ، والرضى بما أُعطيت ، واصبر على ما أصابك فان ذلك من عزم الأُمور » .
[١٨٠٧١] ١١ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : « أروي عن العالم ( عليه السلام ) ، أنه قال : من أراد أن يكون أغنى الناس فليكن واثقاً بما عند الله عز وجل ، وروي : فليكن بما في يد الله أوثق منه مما في يديه : وأروي عن العالم ( عليه السلام ) ، أنه قال : قال الله سبحانه : ارض بما آتيتك تكن من أغنى الناس ، وأروي : من قنع شبع ، ومن لم يقنع لم يشبع : وأروي : ان جبرئيل هبط الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : ان الله عز وجل يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : اقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ( لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ) (١) الآية ، فأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) منادياً ينادي : من لم يتأدب بأدب الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، ونروي : من لم يرض من الدنيا بما يجزيه ، لم يكن شيء منها يكفيه ، ونروي : ما هلك من عرف قدره ، وما ينكر الناس عن القوت انما
____________________________
(١) الزخرف ٤٣ : ٣٢ .
١١ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ٤٩ .
(١) الحجر ١٥ : ٨٨ .