وجودا لزم اجتماع المثلين ، وإلاّ لزم اجتماع النقيضين.
وأمّا نفي الاشتداد فهو مذهب أكثر المحقّقين.
قال بعضهم : لأنّه إن لم يحدث بعد الاشتداد شيء آخر لم يكن الاشتداد اشتدادا بل هو باق كما كان. وإن حدث فالحادث إن كان غير الحاصل فليس اشتدادا للوجود الواحد ، بل يرجع إلى أنّه حدث شيء آخر معه ، وإلاّ فلا اشتداد. وكذا البحث في جانب النقصان (١).
وقد نظمت هذا المطلب أيضا بقولي :
لا يقبل الوجود الاشتدادا |
|
ولا تزايدا كما أفادا |
المسألة السابعة : في أنّ الوجود خير ، والعدم شرّ.
قال : ( وهو خير محض ).
أقول : هذه قضيّة وجدانيّة لا برهانيّة ولا استقرائيّة.
والمراد أنّا إذا تأمّلنا في كلّ ما يقال له : « خير » وجدناه وجودا ، وإذا تأمّلنا في كلّ ما يقال له : « شرّ » وجدناه عدما ، ألا ترى إلى القتل فإنّ العقلاء يحكمون بكونه شرّا ، وإذا تأمّلنا وجدنا شرّيّته باعتبار ما يتضمّنه من العدم ؛ فإنّه ليس شرّا من حيث قدرة القادر عليه ؛ فإنّ القدرة كمال الإنسان ، ولا من حيث إنّ الآلة قاطعة (٢) ؛ فإنّه أيضا كمال لها ، ولا من حيث حركة أعضاء القاتل ، ولا من حيث قبول العضو للتقطيع ، بل من حيث هو إزالة كمال الحياة ، فليس الشرّ إلاّ هذا العدم ، وباقي القيود الوجوديّة خيرات ، فنحكم بأنّ الوجود خير محض ، والعدم شرّ محض ، ولهذا كان واجب الوجود أبلغ في الخيريّة والكمال من كلّ موجود ؛ لبراءته عن القوّة والاستعداد. وتفاوت غيره من الموجودات فيه باعتبار القرب من العدم والبعد عنه.
__________________
(١) انظر « كشف المراد » : ٢٩ ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » ١ : ٥١ ؛ « الأسفار الأربعة » ١ : ٤٢٣ وما بعدها.
(٢) في جميع النسخ : « قطّاعة » وما أثبتناه موافق لما في « كشف المراد » و « شوارق الإلهام ».