وقد نظمت هذا المطلب أيضا بقولي :
وذاك خير في الحدوث والقدم |
|
فلا يكون الشرّ إلاّ في العدم |
المسألة الثامنة : في أنّ الوجود لا ضدّ له.
قال : ( ولا ضدّ له ).
أقول : الضدّ ذات وجوديّة تقابل ذاتا أخرى في الوجود ، بمعنى أنّه موجود معاقب لموجود آخر في الموضوع وإن كان عرضا ، كالسواد والبياض ، ولمّا استحال أن يكون الوجود ذاتا وأن يكون له وجود آخر استحال أن يكون ضدّا لغيره ، ولأنّه عارض لجميع المعقولات ؛ لأنّ كلّ معقول إمّا خارجيّ فيعرض له الوجود الخارجيّ ، أو ذهنيّ فيعرض له الذهنيّ ، ولا شيء من أحد الضدّين بعارض لصاحبه.
ومقابلته للعدم ليست تقابل الضدّين على ما يأتي تحقيقه في نفي المعدوم ، بل تقابل السلب والإيجاب إن أخذا مطلقين ، وإلاّ تقابل العدم والملكة.
المسألة التاسعة : في أنّه لا مثل للوجود.
قال : ( ولا مثل له ).
أقول : المثلان ذاتان وجوديّتان يسدّ كلّ منهما مسدّ صاحبه ، ويكون المعقول منهما شيئا واحدا بحيث إذا سبق أحدهما إلى الذهن ثمّ لحقه الآخر ، لم يكتسب العقل من الحاصل ثانيا غير ما اكتسبه أوّلا ، والوجود ليس بذات ، فلا يماثل شيئا آخر.
وأيضا فليس هاهنا معقول يساويه في التعقّل على ما ذكرناه ، إذ كلّ معقول مغاير لمعقول الوجود.
لايقال : إنّ كلّيّته وجزئيّته متساويتان في التعقّل ، فكان له مثل.
لأنّا نقول : إنّهما ليستا متساويتين في المعقوليّة وإن كان أحد جزأي الجزئي هو الكلّيّ ، لكنّ الاتّحاد ليس تماثلا.